قال: و شهرت
الأبيات و القصّة ببغداد، و عمل له علّويه حكاية أعطاها للزفانين [4] و المخنّثين
فأحرجوه فيها، و كان علّويه يعاديه لمنازعة كانت بينهما ففضحه، و استعفى الخلنجيّ
من القضاء ببغداد و سأل أن يولّى بعض الكور البعيدة، فولّي جند دمشق أو حمص. فلمّا
ولي/ المأمون الخلافة غنّاه علّويه بشعر الخلنجيّ فقال:
فقال له
المأمون: من يقول هذا الشعر؟ فقال: قاضي دمشق. فأمر المأمون بإحضاره، فكتب إلى
صاحب دمشق بإشخاصه فأشخص، و جلس المأمون للشّرب و أحضر علّويه، و دعا بالقاضي فقال
له: أنشدني قولك:
برئت من الإسلام إن كان ذا الذي
أتاك به الواشون عني كما قالوا
فقال له: يا
أمير المؤمنين هذه أبيات قلتها منذ أربعين سنة و أنا صبيّ، و الذي أكرمك بالخلافة
و ورّثك ميراث النبوّة ما قلت شعرا منذ أكثر من عشرين سنة إلّا في زهد أو عتاب صديق.
فقال له: اجلس فجلس، فناوله قدح نبيذ التمر أو الزّبيب. فقال: لا و اللّه يا أمير
المؤمنين ما أعرف شيئا منها. فأخذ القدح من يده و قال: أما و اللّه لو شربت شيئا
من هذا لضربت عنقك، و قد ظننت أنّك صادق في قولك كلّه، و لكن لا يتولّى لي القضاء
رجل بدأ في قوله بالبراءة من الإسلام، انصرف إلى منزلك. و أمر علّويه فغيّر الكلمة
و جعل مكانها «حرمت مناي منك».
ضربه الأمين
بوشاية ابن الربيع ثم تقرّب بذلك إلى المأمون فلم ير منه ما يحب:
حدّثني جعفر بن
قدامة قال حدّثني محمد بن عبد اللّه بن مالك قال:
كان علّويه
يغنّي بين يدي الأمين، فغنّى في بعض غنائه:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد
و شفت أنفسنا مما تجد
[1]
كذا في «الأصول الخطية». و في «ب، س»: «مناشبة» بالشين المعجمة. و الأخاوين: جمع
خوان (بضم أوله و كسره) و هو ما يؤكل عليه الطعام.
[2] في «ب، س»:
«قابضه» و هو تصحيف. و التدبيق: صيد الطائر بالدبق و هو الغراء يلزق بجناح الطائر
فيصاد به. يقال: دبقه (من باب ضرب) و دبقه (بالتضعيف).
[3] في
«الأصول»: «منها». و التصويب من «مختصر الأغاني».