responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 230

رأسه بطيلسانه و قام فانصرف و تركها مكانها، حتى جاء بعض أعوانه فأخذها. و قال بعض شعراء ذلك العصر فيه هذه الأبيات:

إنّ الخلنجيّ من تتايهه‌

أثقل باد لنا بطلعته‌

ما إن لذي نخوة مناسبة [1]

بين أخاوينه و قصعته‌

يصالح الخصم من يخاصمه‌

خوفا من الجور في قضيّته‌

لو لم تدبّقه كفّ قانصه [2]

لطارتيها [3] على رعيّته‌

قال: و شهرت الأبيات و القصّة ببغداد، و عمل له علّويه حكاية أعطاها للزفانين [4] و المخنّثين فأحرجوه فيها، و كان علّويه يعاديه لمنازعة كانت بينهما ففضحه، و استعفى الخلنجيّ من القضاء ببغداد و سأل أن يولّى بعض الكور البعيدة، فولّي جند دمشق أو حمص. فلمّا ولي/ المأمون الخلافة غنّاه علّويه بشعر الخلنجيّ فقال:

برئت من الإسلام إن كان ذا الّذي‌

أتاك به الواشون عنّي كما قالوا

/ و لكنّهم لمّا رأوك غريّة [5]

بهجري تواصوا بالنميمة و احتالوا

فقد صرت أذنا للوشاة سميعة

ينالون من عرضي و إن شئت ما نالوا

فقال له المأمون: من يقول هذا الشعر؟ فقال: قاضي دمشق. فأمر المأمون بإحضاره، فكتب إلى صاحب دمشق بإشخاصه فأشخص، و جلس المأمون للشّرب و أحضر علّويه، و دعا بالقاضي فقال له: أنشدني قولك:

برئت من الإسلام إن كان ذا الذي‌

أتاك به الواشون عني كما قالوا

فقال له: يا أمير المؤمنين هذه أبيات قلتها منذ أربعين سنة و أنا صبيّ، و الذي أكرمك بالخلافة و ورّثك ميراث النبوّة ما قلت شعرا منذ أكثر من عشرين سنة إلّا في زهد أو عتاب صديق. فقال له: اجلس فجلس، فناوله قدح نبيذ التمر أو الزّبيب. فقال: لا و اللّه يا أمير المؤمنين ما أعرف شيئا منها. فأخذ القدح من يده و قال: أما و اللّه لو شربت شيئا من هذا لضربت عنقك، و قد ظننت أنّك صادق في قولك كلّه، و لكن لا يتولّى لي القضاء رجل بدأ في قوله بالبراءة من الإسلام، انصرف إلى منزلك. و أمر علّويه فغيّر الكلمة و جعل مكانها «حرمت مناي منك».

ضربه الأمين بوشاية ابن الربيع ثم تقرّب بذلك إلى المأمون فلم ير منه ما يحب:

حدّثني جعفر بن قدامة قال حدّثني محمد بن عبد اللّه بن مالك قال:

كان علّويه يغنّي بين يدي الأمين، فغنّى في بعض غنائه:

ليت هندا أنجزتنا ما تعد

و شفت أنفسنا مما تجد


[1] كذا في «الأصول الخطية». و في «ب، س»: «مناشبة» بالشين المعجمة. و الأخاوين: جمع خوان (بضم أوله و كسره) و هو ما يؤكل عليه الطعام.

[2] في «ب، س»: «قابضه» و هو تصحيف. و التدبيق: صيد الطائر بالدبق و هو الغراء يلزق بجناح الطائر فيصاد به. يقال: دبقه (من باب ضرب) و دبقه (بالتضعيف).

[3] في «الأصول»: «منها». و التصويب من «مختصر الأغاني».

[4] الزفانون: الرقاصون.

[5] غرية: مولعة. و في «الطبري» (القسم الثالث صفحة 1150): «سريعة. إليّ».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست