فعقل
[1] توبة و عقل الآخرين معاقل العرب مائة من الإبل، فأدّتها بنو عامر. قال: فخرجت
بنو عوف بن عامر قتله توبة/ فلحقوا بالجزيرة، فلم يبق بالعالية [2] منهم أحد، و
أقامت بنو ربيعة بن عقيل و عروة بن عقيل و عبادة بن عقيل [3] بمكانهم بالبادية.
رواية أبي
عبيدة عن مزرّع في مقتله و سببه:
قال أبو عبيدة
و حدّثنا مزرّع [4] بن عمرو بن همّام- قال أبو عبيدة: و كان مع أبو الخطّاب و
غيره- قال: توبة ابن حميّر بن ربيعة بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل، و أمّه
زبيدة. فهاج بينه و بين السّليل بن ثور بن أبي سمعان بن عامر ابن عوف بن عقيل
كلام، و كان شرّيرا و نظير توبة في القوّة و البأس، فبلغ الحور [5] (و هو الكلام)
إلى أن أوعد كلّ واحد منهما صاحبه، فالتقى بعد ذلك توبة و السّليل على غدير من ماء
السماء، فرمى توبة السليل فقتله. ثم إنّ توبة أغار ثانية على إبل بني السّمين بن
كعب بن عوف بن عقيل واردة ماءهم فاطّردها. و اتبعوه و هم سبعة نفر: يزيد بن رويبة،
و عبد اللّه بن سالم، و معاوية بن عبد اللّه- قال أبو عبيدة: و لم يذكر غير هؤلاء-
فانصرفوا يجنبون [6] الخيل يحملون المزاد، فقصّوا أثر توبة و أصحابه فوجدوهم و قد
أخذوا في المضجع من أرض بني كلاب في أرض دمثة [7] تربة، فضلّت فرس توبة الخوصاء من
اللّيل، فأقام و اضطجع حتى أصبح، و ساق أصحابه الإبل، و هم ثلاثة نفر سوى توبة:
المحرز أحد بني عمرو بن كلاب، و قابض [8] بن أبي عقيل أحد بني خفاجة، و عبد اللّه
بن حميّر أخو توبة لأمّه و أبيه. فلمّا/ أصبح توبة إذا فرسه الخوصاء راتعة أدنى
ظلم [9] قريبة [10] منه ليس دونها وجاح [11] فأشلاها [12] حتى أتته، ثم خرج يعدو
حتى لحق بأصحابه، فانتهوا إلى هضبة بكبد المضجع، فارتقى توبة فوقها ينظر الطّلب
[13]، فرآه القوم و لم يرهم عند طلوع الشمس، و بالت الخوصاء حين انتهت إلى الهضبة،
فقال القوم: إنه لطائر أو إنسان. فركب يزيد بن رويبة و كان أحدث القوم سنّا، و
أمّه بنت عمّ توبة، فأغار ركضا حتى انتهى إلى الهضبة، فإذا بول الفرس و عليه بقيّة
من رغوته، و إذا أثر توبة يعرفونه، فرجع فخبّر أصحابه. و اندفع توبة و أصحابه حتى
نزلوا إلى طرف هضبة يقال لها الشّجر من أرض بني/ كلاب، فقالوا بالظّهيرة، فلم يشعر
شعره إلّا و الإبل قد نفرت، و كانت بركا [14] بالهاجرة، من وئيد [15] الخيل. فوثب
توبة، و كان لا يضع السيف، فصبّ الدّرع على السيف