responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 142

عنه. فأرادوا أن يخرجوا حين يصبحون. فقال لهم سارية. ادّرعوا [1] الليل؛ فإنّي لا آمن توبة عليكم الليلة فإنه لا ينام عن طلبكم. قال: فلمّا تعشّوا ادّرعوا الليل في الفلاة. و أقعد له توبة رجلين فغفل صاحبا توبة.

فلمّا/ ذهب الليل فزع توبة و قال: لقد اغتررت إلى رجلين ما صنعا شيئا، و إنّي لأعلم أنهم لم يصبحوا بهذا البلاد، فاقتصّ آثارهم، فإذا هو بأثر القوم قد خرجوا، فبعث إلى صاحبيه فأتياه، فقال: دونكما هذا الجمل فأوقراه من الماء في مزادتيه ثم اتّبعها أثري، فإن خفي عليكما أن تدركاني فإني سأنوّر لكما إن أمسيتما دوني.

و خرج توبة في أثر القوم مسرعا، حتى إذا انتصف النهار جاوز علما يقال له أفيح [2] في الغائط. فقال لأصحابه:

هل ترون سمرات إلى جنب قرون بقر؟- و قرون بقر مكان هنالك- فإنّ ذلك مقيل القوم لم يتجاوزوه فليس وراءه [3] ظلّ. فنظروا فقال قائل: أرى رجلا يقود بعيرا [4] كأنه يقوده لصيد. قال توبة: ذلك ابن الحبتريّة، و ذلك من أرمى من رمى. فمن له يختلجه [5] دون القوم فلا ينذرون [6] بنا؟ قال: فقال عبد اللّه أخو توبة: أنا له.

قال: فاحذر لا يضربنّك، و إن استطعت أن تحول بينه و بين أصحابه فافعل. فخلّي طريق فرسه في غمض [7] من الأرض، ثم دنا منه فحمل عليه، فرماه لابن الحبتريّة- قال: و بنو الحبتر [8] ناس من مذحج في بني عقيل- فعقر [9] فرس عبد اللّه أخي توبة و اختلّ [10] السهم ساق عبد اللّه، فانحاز الرجل حتى أتى أصحابه فأنذرهم، فجمعوا ركابهم و كانت متفرّقة. قال: و غشيهم توبة و من معه، فلمّا رأوا ذلك صفّوا رحالهم و جعلوا السّمرات في نحورهم و أخذوا سلاحهم و درقهم، و زحف إليهم توبة، فارتمى القوم لا يغني أحد منهم شيئا/ في أحد. ثم إنّ توبة و كان يترس [11] له أخوه عبد اللّه، قال: يا أخي لا تترّس لي؛ فإني رأيت ثورا كثيرا ما يرفع التّرس، عسى أن أوافق منه عند رفعه [12] مرمى فأرميه. قال: ففعل، فرماه توبة على حلمة ثديه فصرعه. و جال [13]/ القوم فغشيهم توبة و أصحابه فوضعوا فيهم السّلاح حتى تركوهم صرعى و هم سبعة نفر. ثم إنّ ثورا قال انتزعوا هذا السهم عنّي. قال توبة: ما وضعناه لننتزعه. فقال أصحاب توبة: انج بنا نأخذ آثارنا و نلحق راويتنا، فقد أخذنا ثأرنا من هؤلاء و قد متنا عطشا [14]. قال توبة: كيف بهؤلاء القوم الذي لا يمنعون و لا يمتنعون!. فقالوا: أبعدهم اللّه. قال توبة: ما أنا بفاعل و ما هم إلّا عشيرتكم، و لكن تجي‌ء [15] الراوية فأضع لهم ماء و أغسل عنهم دماءهم‌


[1] في «ج، ب، س»: ادّرعوا الليلة». يقال: ادّرع الليل و تدرعه إذا دخل فيه يسري، كأنه لبس ظلمته.

[2] ضبط الأصمعي «أفيح» بضم أوّله و فتح ثانيه، و ضبطه غيره بفتح أوّله و كسر ثانيه.

[3] عبارة «مختار الأغاني»: «فإن ذلك مقيل لم يتجاوزه القوم و ليس لهم وراءه ظل».

[4] في «الأصول»: «نرى رجلا يقود بعيرا له ... إلخ» و التصويب عن «مختار الأغاني».

[5] يختلجه: ينتزعه.

[6] فلا ينذرون بنا: فلا يعلمون.

[7] الغمش: المطمئن المنخفض من الأرض.

[8] في «الأصول»: «و بنو الحبترية» و التصويب من «مختار الأغاني».

[9] في «الأصول»: «فعقروا» بضمير الجمع، و هو تحريف.

[10] اختله السهم: أصابه و نفذه.

[11] يترس له: يستره بالترس.

[12] في «الأصول»: «عند رميه» و التصويب من «مختار الأغاني».

[13] في «الأصول»: «و جاء القوم» و التصويب من «مختار الأغاني».

[14] كذا في «مختار الأغاني». و «عبارة الأصول»: «... انج فقد أخذنا ثأرنا و نلقى راويتنا فقد متنا عطشا».

[15] في «مختار الأغاني»: «و لكن حتى تجي‌ء ...» بزيادة «حتى».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست