responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 118

في حاجتك بمالي لسعيت في ذلك حتى أقدر عليه، فقال لي:/ خيرا. فلمّا انقضى الموسم شددت على ناقتي و شدّ على ناقته، و دعوت غلامي فشدّ على بعير له، و حملت عليه قبّة حمراء من أدم كانت لأبي ربيعة المخزوميّ، و حملت معي ألف دينار و مطرف خزّ، و انطلقنا حتى أتينا بلاد كلب، فنشدنا عن أبي الجارية فوجدناه في نادي قومه، و إذا هو سيّد الحيّ و إذا الناس حوله. فوقفت على القوم فسلّمت، فردّ الشيخ السلام، ثم قال: من الرجل؟

قلت: عمر بن أبي ربيعة بن المغيرة. فقال: المعروف غير المنكر، فما الذي جاء بك؟ قلت: خاطبا. قال: الكف، و الرّغبة. قلت: إني لم آت ذلك لنفسي عن غير زهادة فيك و لا جهالة بشرفك، و لكني أتيت في حاجة ابن أختكم العذريّ، و ها هو ذاك. فقال: و اللّه إنّه لكفي‌ء الحسب رفيع البيت، غير أنّ بناتي لم يقعن إلّا في هذا الحيّ من قريش. فوجمت لذلك، و عرف التغيّر في وجهي فقال: أما إنّي صانع بك ما لم أصنعه بغيرك. قلت: و ما ذاك فمثلي من شكر؟ قال: أخيّرها فهي و ما اختارت. قلت: ما أنصفتني إذ تختار لغيري و تولي الخيار غيرك. فأشار إليّ، العذريّ أن دعه يخيّرها. فأرسل إليها: إنّ من الأمر كذا و كذا. فأرسلت إليه: ما كنت لأستبدّ برأي دون القرشيّ، فالخيار في قوله، حكمه. فقال لي: إنها قد ولّتك أمرها فاقض ما أنت قاض. فحمدت اللّه عزّ و جلّ و أثنيت عليه و قلت: اشهدوا أنّي قد زوّجتها من الجعد بن مهجع و أصدقتها هذا الألف الدّينار، و جعل تكرمتها العبد و البعير و القبّة، و كسوت الشيخ المطرف، و سألته أن يبني بها عليه في ليلته. فأرسل إلى أمّها، فقالت: أ تخرج ابنتي كما تخرج الأمة!. فقال الشيخ: هجّري [1] في جهازها، فما برحت حتى ضربت القبّة في وسط الحريم، ثم أهديت إليه ليلا، و بتّ أنا عند الشيخ. فلمّا أصبحت أتيت القبّة فصحت بصاحبي، فخرج إليّ و قد أثّر السرور/ فيه، فقلت:

كيف كنت بعدي و كيف هي بعدك؟ فقال لي: أبدت لي و اللّه كثيرا مما كانت أخفته عنّي يوم لقيتها. فسألتها عن ذلك فأنشأت تقول:

صوت‌

كتمت الهوى لما رأيتك جازعا

و قلت فتى بعض الصديق يريد

و أن تطرحنّي [2] أو تقول فتيّة

يضرّ بها برح الهوى فتعود

فورّيت عمّا بي و في داخل الحشى‌

من الوجد برح فاعملنّ شديد

فقلت: أقم على أهلك، بارك اللّه لك فبهم، و انطلقت و أنا أقول:

كفيت أخي العذريّ ما كان نابه‌

و إني لأعباء النوائب حمّال‌

أما استحسنت منّي المكارم و العلا

إذا طرحت! إنّي لمالي بذّال‌

و قال العذريّ:

إذا ما الخطّاب خلّى مكانه‌

فأفّ لدنيا ليس من أهلها عمر


[1] هجري: أي بادري و أسرعي.

[2] فتحنا الهمزة على تقدير و خشية أن تطرحني إلخ ... أي و كتمت الهوى خشية أن يكون ذلك. و في «الأصول»: «يطرحني أو يقول ...» بالياء المثناة من تحت.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست