في
حاجتك بمالي لسعيت في ذلك حتى أقدر عليه، فقال لي:/ خيرا. فلمّا انقضى الموسم شددت
على ناقتي و شدّ على ناقته، و دعوت غلامي فشدّ على بعير له، و حملت عليه قبّة
حمراء من أدم كانت لأبي ربيعة المخزوميّ، و حملت معي ألف دينار و مطرف خزّ، و
انطلقنا حتى أتينا بلاد كلب، فنشدنا عن أبي الجارية فوجدناه في نادي قومه، و إذا
هو سيّد الحيّ و إذا الناس حوله. فوقفت على القوم فسلّمت، فردّ الشيخ السلام، ثم
قال: من الرجل؟
قلت: عمر بن
أبي ربيعة بن المغيرة. فقال: المعروف غير المنكر، فما الذي جاء بك؟ قلت: خاطبا.
قال: الكف، و الرّغبة. قلت: إني لم آت ذلك لنفسي عن غير زهادة فيك و لا جهالة
بشرفك، و لكني أتيت في حاجة ابن أختكم العذريّ، و ها هو ذاك. فقال: و اللّه إنّه
لكفيء الحسب رفيع البيت، غير أنّ بناتي لم يقعن إلّا في هذا الحيّ من قريش. فوجمت
لذلك، و عرف التغيّر في وجهي فقال: أما إنّي صانع بك ما لم أصنعه بغيرك. قلت: و ما
ذاك فمثلي من شكر؟ قال: أخيّرها فهي و ما اختارت. قلت: ما أنصفتني إذ تختار لغيري
و تولي الخيار غيرك. فأشار إليّ، العذريّ أن دعه يخيّرها. فأرسل إليها: إنّ من
الأمر كذا و كذا. فأرسلت إليه: ما كنت لأستبدّ برأي دون القرشيّ، فالخيار في قوله،
حكمه. فقال لي: إنها قد ولّتك أمرها فاقض ما أنت قاض. فحمدت اللّه عزّ و جلّ و
أثنيت عليه و قلت: اشهدوا أنّي قد زوّجتها من الجعد بن مهجع و أصدقتها هذا الألف
الدّينار، و جعل تكرمتها العبد و البعير و القبّة، و كسوت الشيخ المطرف، و سألته
أن يبني بها عليه في ليلته. فأرسل إلى أمّها، فقالت: أ تخرج ابنتي كما تخرج
الأمة!. فقال الشيخ: هجّري [1] في جهازها، فما برحت حتى ضربت القبّة في وسط
الحريم، ثم أهديت إليه ليلا، و بتّ أنا عند الشيخ. فلمّا أصبحت أتيت القبّة فصحت
بصاحبي، فخرج إليّ و قد أثّر السرور/ فيه، فقلت:
كيف كنت بعدي و
كيف هي بعدك؟ فقال لي: أبدت لي و اللّه كثيرا مما كانت أخفته عنّي يوم لقيتها.
فسألتها عن ذلك فأنشأت تقول: