و أخبرنا محمد
بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا الخليل بن أسد قال حدّثنا العمريّ قال:
قال الهيثم بن
عديّ قال لي صالح بن حسّان: كان و اللّه النابغة مخنّثا. قلت: و ما علمك به؟ أ
رأيته قط؟ قال:
لا و اللّه!.
قلت: أ فأخبرت عنه؟ قال لا.
قلت: فما علمك
به؟ قال: أ ما سمعت قوله:
سقط النّصيف و لم ترد إسقاطه
فتناولته و اتّقتنا باليد
لا و اللّه ما
أحسن هذه الإشارة و لا هذا القول إلا مخنّث.
هروبه من
النعمان إلى ملوك غسان و اختلاف الرواة في سببه:
قال: فأنشدها
النابغة مرّة بن سعد القريعيّ، فأنشدها مرّة النّعمان، فامتلأ غضبا فأوعد النابغة
و تهدده؛ فهرب منه فأتى قومه، ثم شخص إلى ملوك غسّان بالشأم فامتدحهم. و قيل: إنّ
عصام بن شهبر الجرميّ حاجب النّعمان أنذره [1] و عرّفه ما يريده النّعمان، و كان
صديقه، فهرب. و عصام الذي يقول فيه الراجز:
نفس عصام سوّدت عصاما
و علّمته الكرّ و الإقداما
و جعلته ملكا هماما
/ و قال من رويت عنه خبر النابغة: إنّ السبب في
هربه من النّعمان أنّ عبد القيس بن خفاف التّميميّ و مرّة بن [2] سعد بن قريع
السّعديّ عملا هجاء في النّعمان على لسانه، و أنشدا النّعمان منه أبياتا يقال
فيها:
ملك يلاعب أمّه و قطينه
رخو المفاصل أيره كالمرود
و منه:
قبّح اللّه ثم ثنّى بلعن
وارث الصائغ الجبان الجهولا
من يضرّ الأدنى
و يعجز عن ضرّ الأقاصي و من يخون الخليلا/
يجمع الجيش ذا الألوف و يغزو
ثم لا يرزأ العدوّ فتيلا
يعني بوارث
الصائغ النّعمان؛ و كان جدّه لأمّه صائغا بفدك [3] يقال له عطيّة. و أمّ النّعمان
سلمى بنت عطيّة.
فأخبرني محمد
بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثني عمي عبيد اللّه عن ابن حبيب عن ابن الأعرابيّ عن
المفضّل: أنّ مرّة بن سعد القريعيّ الذي وشى بالنابغة كان له سيف قاطع يقال له ذو
الرّيقة من كثرة فرنده و جوهره، فذكر النابغة للنعمان، فأخذه. فاضطغن ذلك حتى وشى
به إلى النّعمان و حرّضه عليه.
و أخبرنا
الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن محمد بن سلّام عن يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن
العلاء، و أخبرنا إبراهيم بن أيّوب عن ابن قتيبة، و أخبرنا أحمد بن عبد العزيز عن
عمر بن شبّة، قالوا جميعا: