من مخضرمي
الدولتين أغار هو و أخوه بدر على بني عبس و نهبا إبلهم فحبسهما الوالي:
و المرّار من
مخضرمي الدولتين. و قد قيل: إنّه لم يدرك الدولة العبّاسيّة.
و قال هذه
القصيدة و هو محبوس. ذكر محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ عن المفضّل و الكوفيّين:
أنّ المرّار بن
سعيد كان أتى حصين بن برّاق من بني عبس، فوقف على بيوتهم فجعل يحدّث نساءهم و
ينشدهنّ الشعر. فنظروا إليه و هم مجتمعون على الماء فظنّوا أنه يعظهنّ. ثم انصرف
من عند النساء حتى وقف على الرجال. فقال له بعضهم: أنت يا مرّار تقف على أبياتنا و
تنشد النساء الشعر! فقال: إنّما كنت أسألهن.
فجرى بينه و
بينهم كلام غليظ، فوثبوا عليه و ضربوه و عقروا بعيره؛ فانصرف من عندهم إلى بني
فقعس فأخبرهم الخبر، فركبوا معه حتى أتوا بني عبس فقاتلوهم فهزموهم، و فقأت بنو
فقعس من بني عبس عينا و قتلوا رجلا ثم انصرفوا. فحمل أبو شدّاد النّصريّ لبني عبس
مائتي بعير و غلّظوا عليهم في الدّية. ثم إنّ بدر بن سعيد أخا المرّار قال: قد
استوفت عبس حقّها، فعلام أترك ضرب أخي و عقر جمله! فخرج حتى أتى جمالا لبني عبس في
المرعى فرمى بعضها فعقرها ثم انصرف. فقال للمرّار: إنّه و اللّه ما يقنع بهذا و
لكن اخرج بنا. فخرجا حتى أغارا على إبل لبني عبس فطرداها و توجها بها نحو تيماء
[1]. فلمّا كانا في بعض الطريق انقطع بطان راحلة بدر/ فندر [2] عن رحله. فقال له
المرّار: يا أخي أطعني و انصرف ودع هذه الإبل في النار، فأبى عليه. ثم سارا، فلمّا
كانا في بعض الطريق عرض لهما ظبي أعضب [3] أحد القرنين. فقال المرّار لبدر: قد
تطيّرت من هذا السفر، و لا و اللّه ما نرجع من هذا السفر أبدا، فأبى عليه بدر.
فتفرّقت عبس فرقتين في طلب الإبل، فعمدت فرقة إلى وادي القرى [4]، و فرقة إلى
تيماء؛ فصادفوا الإبل بتيماء تباع، فأخذوا المرّار و بدرا فرفعوهما إلى الوالي. و
عرفت سمات عبس على الإبل فدفعت إليهم، و رفع المرّار و أخوه إلى المدينة فضربا و
حبسا، فمات بدر في الحبس.
فكلّمت عدّة من
قريش زياد بن عبد اللّه النّصريّ في المرّار فخلّاه. و قال في حبسه:
صرمت و لم تصرم و أنت صروم
و هي طويلة.
مات أخوه بدر
في الحبس فرثاه:
و قال يرثي
أخاه بدرا:
ألا يا لقومي للتّجلّد و الصبر
و للقدر السّاري إليك و ما تدري
/ و للشيء تنساه و تذكر
غيره
و للشيء لا تنساه إلّا على ذكر
[1]
تيماء: بليد في أطراف الشام بين الشام و وادي القرى على طريق حاج الشام و دمشق.