من قدّم زهيرا احتجّ
بأنه كان أحسنهم شعرا، و أبعدهم من سخف، و أجمعهم لكثير من المعاني في قليل من
الألفاظ، و أشدّهم مبالغة في المدح، و أكثرهم أمثالا في شعره.
مرثية ابنه
سالم:
أخبرني الحسين
بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن الأصمعيّ قال:
كان لزهير ابن
يقال له سالم، و كان من أمّ كعب بن زهير؛ فمات أو قتل، فجزع عليه كعب [2] جزعا
شديدا، فلامته امرأته و قالت: كأنه لم يصب غيرك من الناس! فقال:
رأت رجلا لاقى من العيش غبطة
و أخطأه فيها الأمور العظائم
و شبّ له فيها بنون و توبعت
سلامة أعوام له و غنائم
فأصبح محبورا ينظّر حوله
بغبطته لو أنّ ذلك دائم
و عندي من الأيّام ما ليس عنده
فقلت له مهلا فإنك حالم
لعلك يوما أن تراعي بفاجع
كما راعني يوم النّتاءة سالم
صوت
عزفت و لم تصرم و أنت صروم
و كيف تصابي من يقال حليم
صددت فأطولت الصدود و لا أرى
وصالا على طول الصّدود يدوم
/ عروضه من الطويل. عزفت عن الشيء: إذا تركته
و أبته نفسك. قال ابن الأعرابيّ: يقول لم تصرم صرم بتات. و لكن صرمت صرم دلال. و
أطولت الصدود أي أطلته. و إنما قال هذا ضرورة [3]. الشعر للمرّار بن سعيد
الفقعسيّ. و الغناء لإسحاق رمل.
-
زهير. و بالوجهين ضبط في نسخة الصحاح». و في كتاب «الشعر و الشعراء» أنه شبب
بامرأة من بني أسد فقال:
و لا عيب فيها غير أنك واجد
ملاقيها قد ديثت بركوب
فضربه أخوها
مائة ضربة بالسيف فلم يمت و أخذ الدية، فسمي المضرب.
[1] رعوى
عليه: أي بقيا عليه؛ يقال: أرعى فلان على فلان إذا أبقى عليه.
[2] تقدم في
ص 313 أن هذا الشعر قاله زهير في ابنه سالم.
[3] في «لسان
العرب» (في مادة طول): «و أطلت الشيء و أطولت على النقصان و التمام بمعنى المحكم:
و أطال الشيء و طوّله و أطوله:
جعله طويلا. و
كأن الذين قالوا ذلك إنما أرادوا أن ينهبوا على أصل الباب. قال: فلا يقاس هذا إنما
يأتي للتنبيه على الأصل».