responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 418

فصدّق يا فدتك النفس [1] رؤيا

رأتها في المنام كذاك عيني‌

فأمر له بذلك و قال له: لا تعد أن تتحلّم [2] عليّ ثانية، فأجعل حلمك أضغاثا و لا أحقّقه.

حبسه المنصور لسكره فبعث له من الحبس شعرا فعفا عنه:

ثم خرج من عنده و مضى فشرب في بعض الحانات فسكر و انصرف و هو يميل. فلقيه العسس فأخذوه، و قيل له:

من أنت و ما دينك؟ فقال:

ديني على دين بنى العبّاس‌

ما ختم الطين على القرطاس‌

إنّي اصطبحت أربعا بالكاس‌

فقد أدار شربها براسي‌

فهل بما قلت لكم من باس‌

فأخذوه و مضوا، و خرقوا ثيابه و ساجه و أتي به أبو جعفر- و كان يؤتى بكلّ من أخذه العسس- فحبسه مع الدّجاج في بيت. فلمّا أفاق جعل ينادي غلامه مرّة و جاريته أخرى فلا يجيبه أحد، و هو في ذلك يسمع صوت الدّجاج و زقاء الدّيوك. فلمّا أكثر قال له السّجّان: ما شأنك؟ قال: ويلك من أنت و أين أنا؟ قال: في الحبس، و أنا فلان السّجّان. قال: و من حبسني؟ قال: أمير المؤمنين. قال:/ و من خرق طيلساني؟ قال: الحرس. فطلب منه أن يأتيه بدواة و قرطاس ففعل، فكتب إلى أبي جعفر:

أمير المؤمنين فدتك نفسي‌

علام حبستني و خرقت ساجي‌

أ من صفراء صافية المزاج‌

كأنّ شعاعها لهب السّراج‌

و قد طبخت بنار اللّه حتّى‌

لقد صارت من النّطف [3] النّضاج‌

تهشّ لها القلوب و تشتهيها

إذا برزت [4] ترقرق في الزّجاج‌

أقاد إلى السّجون بغير جرم‌

كأنّي بعض عمّال الخراج‌

و لو معهم حبست لكان سهلا

و لكنّي حبست مع الدّجاج‌

و قد كانت تخبّرني ذنوبي‌

بأنّي من عقابك غير ناجي‌

على أني و إن لاقيت شرّا

لخيرك بعد ذاك الشّرّ راجي‌

فدعا به و قال: أين حبست يا أبا دلامة؟ قال: مع الدّجاج. قال: فما كنت تصنع؟ قال: أقوقي معهنّ حتى أصبحت. فضحك و خلّى سبيله و أمر له بجائزة. فلمّا خرج قال له الرّبيع: إنه شرب الخمر يا أمير المؤمنين. أ ما سمعت قوله «و قد طبخت بنار اللّه» (يعني الشمس). فأمر بردّه ثم قال: يا خبيث شربت الخمر؟ قال لا. قال:

أ فلم تقل «طبخت بنار اللّه» تعني الشمس. قال: لا و اللّه/ ما عنيت إلّا نار اللّه الموقدة التي تطّلع على فؤاد الرّبيع. فضحك و قال: خذها يا ربيع و لا تعاود التعرّض.


[1] في ب، س: «الناس».

[2] تحلم فلان: قال حلمت بكذا و هو كاذب.

[3] النطفة: الماء الصافي قل أو كثر.

[4] في أ، م: «برقت». و ترقرق: تلألأ أي تجي‌ء و تذهب.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست