responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 416

ألزمه المنصور بالقيام شهر رمضان فكتب إلى ريطة شعرا يستشفع بها للمهدي:

فبلغته الأبيات فقال: صدق! ما يضرّني ذلك، و اللّه لا يصلح هذا أبدا، فدعوه يعمل ما يشاء. و قال الهيثم في خبره: فقال له أبو جعفر: قد أعفيناك من هذه الحال، و لكن على ألّا تدع القيام معنا في ليالي شهر رمضان فقد أظل [1]. فقال: أفعل. قال: إنك إن تأخّرت لشرب الخمر علمت ذلك. و و اللّه لئن فعلت لأحدّنّك. فقال أبو دلامة: البليّة في شهر أصلح منها في طول الدهر، سمعا و طاعة. فلمّا حضر شهر رمضان لزم المسجد. و كان المهديّ يبعث إليه في كل ليلة حرسيّا يجي‌ء به؛ فشقّ ذلك عليه، و فزع إلى الخيزران و أبي عبيد [2] اللّه و كلّ من كان يلوذ بالمهديّ ليشفعوا له في الإعفاء/ من القيام، فلم يجبهم. فقال له أبو عبيد اللّه: الدّالّ على الخير كفاعله، فكيف شكرك؟ قال: أتمّ شكر. قال: عليك بريطة [3] فإنّه لا يخالفها. قال: صدقت و اللّه،/ ثم رفع إليها رقعة يقول فيها:

أبلغا ريطة أنّي‌

كنت عبدا لأبيها

فمضى يرحمه الل

ه و أوصى بي إليها

و أراها نسيتني‌

مثل نسيان أخيها

جاء شهر الصّوم يمشي‌

مشية ما أشتهيها

قائدا لي ليلة القد

ر كأنّي أبتغيها

تنطح القبلة شهرا

جبهتي لا تأتليها

و لقد عشت زمانا

في فيافيّ وجيها

في ليال من شتاء

كنت شيخا أصطليها

قاعدا أوقد نارا

لضباب أشتويها

و صبوح و غبوق‌

في علاب [4] أحتسيها

ما أبالي ليلة القد

ر و لا تسمعنيها [5]

فاطلبي لي فرجا من

ها و أجري لك فيها

فلمّا قرأت الرّقعة ضحكت و أرسلت إليه: اصطبر حتى تمضي ليلة القدر. فكتب إليها: إني لم أسألك أن تكلّميه في إعفائي عاما قابلا؛ و إذا مضت ليلة القدر فقد فني الشّهر. و كتب تحتها أبياتا:

/

خافي إلهك في نفس قد احتضرت‌

قامت قيامتها بين المصلّينا


[1] أظل: غشى و أشرف و أقبل.

[2] هو أبو عبيد اللّه معاوية بن عبيد اللّه بن يسار الأشعري الكاتب الوزير. كان من رجالات المنصور ثم المهدي. عزله المهدي عن الوزارة ثم جعله على ديوان الرسائل، ثم عزله عنه سنة 167 ه.

[3] ريطة: هي ابنة الخليفة أبي العباس السفاح و زوجة المهدي.

[4] العلاب: جمع علبة و هي قدح ضخم من جلود الإبل أو هي قدح من خشب.

[5] لا هنا نافية، و هو خبر يراد به النهي.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 416
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست