قلت:
و لا أنا و اللّه لك إلا جميل الرأي، و إني لأهواك و أنتحل مذهبك و أدين دينك و
أريد السّوء لمن أراده لك.
قال: يا هذا
جزاك اللّه خيرا فانصرف. قلت: إنّ معي زادا أحبّ أن آكله معك، و أحبّ مواكلتك
لتتوكّد المودّة بيننا، و يرى أهل العسكر هوانهم علينا. قال: فافعل. فتقدّمت إليه
حتى اختلفت أعناق دوابّنا و جمعنا أرجلنا على معارفها و الناس قد غلبوا ضحكا. فلما
استوفينا ودّعني. ثم قلت له: إنّ هذا الجاهل إن أقمت على طلب المبارزة ندبني إليك
فتتعبني و تتعب. فإن رأيت ألّا تبرز اليوم فافعل. قال: قد فعلت، ثم انصرف و
انصرفت.
فقلت لروح:
أمّا أنا فقد كفيتك قرني فقل لغيري أن يكفيك قرنه كما كفيتك، فأمسك. و خرج آخر
يدعو إلى البراز، فقال لي: اخرج إليه. فقلت [1]:
أخبرني إبراهيم
بن أيّوب عن ابن قتيبة قال قال أبو دلامة:
كنت/ في عسكر
مروان [3] أيام زحف إلى سنان الخارجيّ. فلمّا التقى الزّحفان خرج منهم رجل فنادى:
من يبارز! فلم
يخرج إليه أحد إلّا أعجله و لم ينهنهه [4]. فغاظ ذلك مروان و جعل يندب الناس على
[5] خمسمائة، فقتل أصحاب الخمسمائة، فزاد مروان و ندبهم على ألف، و لم يزل يزيدهم
حتى بلغ خمسة آلاف درهم. و كان تحتي فرس لا أخاف خونه؛ فلمّا سمعت بالخمسة [6]
آلاف ترقّبته [7] و اقتحمت الصّفّ. و اقتحمت الصّفّ. فلمّا نظرني الخارجيّ علم
أنّي خرجت للطمع؛ فأقبل إليّ متهيّئا و إذا عليه فرو قد أصابه المطر فابتلّ، ثم
أصابته الشمس فأقفعلّ، و إذا عيناه تقدان كأنّهما من غورهما في وقبين [8]. فلمّا
دنا منّي أنشأ يقول:
[1]
وردت هذه الأبيات في «وفيات الأعيان» لابن خلكان هكذا: