responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 413

قلت: و لا أنا و اللّه لك إلا جميل الرأي، و إني لأهواك و أنتحل مذهبك و أدين دينك و أريد السّوء لمن أراده لك.

قال: يا هذا جزاك اللّه خيرا فانصرف. قلت: إنّ معي زادا أحبّ أن آكله معك، و أحبّ مواكلتك لتتوكّد المودّة بيننا، و يرى أهل العسكر هوانهم علينا. قال: فافعل. فتقدّمت إليه حتى اختلفت أعناق دوابّنا و جمعنا أرجلنا على معارفها و الناس قد غلبوا ضحكا. فلما استوفينا ودّعني. ثم قلت له: إنّ هذا الجاهل إن أقمت على طلب المبارزة ندبني إليك فتتعبني و تتعب. فإن رأيت ألّا تبرز اليوم فافعل. قال: قد فعلت، ثم انصرف و انصرفت.

فقلت لروح: أمّا أنا فقد كفيتك قرني فقل لغيري أن يكفيك قرنه كما كفيتك، فأمسك. و خرج آخر يدعو إلى البراز، فقال لي: اخرج إليه. فقلت [1]:

إني أعوذ بروح أن يقدّمني‌

إلى البراز فتخزى بي بنو أسد

إنّ البراز إلى الأقران أعلمه‌

مما يفرّق بين الروح و الجسد

قد حالفتك المنايا إذ صمدت [2] لها

و أصبحت لجميع الخلق بالرّصد

/ إنّ المهلّب حبّ الموت أورثكم‌

و ما ورثت اختيار الموت عن أحد

لو أنّ لي مهجة أخرى لجدت بها

لكنّها خلقت فردا فلم أجد

فضحك و أعفاني.

أ أمره مروان بن محمد بمبارزة خارجي ففر منه:

أخبرني إبراهيم بن أيّوب عن ابن قتيبة قال قال أبو دلامة:

كنت/ في عسكر مروان [3] أيام زحف إلى سنان الخارجيّ. فلمّا التقى الزّحفان خرج منهم رجل فنادى:

من يبارز! فلم يخرج إليه أحد إلّا أعجله و لم ينهنهه [4]. فغاظ ذلك مروان و جعل يندب الناس على [5] خمسمائة، فقتل أصحاب الخمسمائة، فزاد مروان و ندبهم على ألف، و لم يزل يزيدهم حتى بلغ خمسة آلاف درهم. و كان تحتي فرس لا أخاف خونه؛ فلمّا سمعت بالخمسة [6] آلاف ترقّبته [7] و اقتحمت الصّفّ. و اقتحمت الصّفّ. فلمّا نظرني الخارجيّ علم أنّي خرجت للطمع؛ فأقبل إليّ متهيّئا و إذا عليه فرو قد أصابه المطر فابتلّ، ثم أصابته الشمس فأقفعلّ، و إذا عيناه تقدان كأنّهما من غورهما في وقبين [8]. فلمّا دنا منّي أنشأ يقول:


[1] وردت هذه الأبيات في «وفيات الأعيان» لابن خلكان هكذا:

إني أعوذ بروح أن يقدمني‌

إلى القتال فيخزي بي بنو أسد

إن المهلب حب الموت أورثكم‌

و لم أرث أنا حب الموت من أحد

إن الدنوّ إلى الأعداء أعلمه‌

مما يفرق بين الروح و الجسد

[2] في الأصول: «إن صدمت» و هو تحريف.

[3] يعني مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.

[4] نهنهه: كفه و زجره. و سياق الكلام يقتضي أن يكون «و لم يمهله».

[5] في الأصول: «عن».

[6] هذه لغة ضعيفة و أفصح اللغات: «بخمسة الآلاف».

[7] ترقبته: رصدته.

[8] الوقب هنا: نقرة في الجبل يجتمع فيها الماء.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 413
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست