responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 362

و كأنّها قد اندفعت تغنّيني به، فما سمعت أحسن مما غنّته، و لقد زادت لي فيه أشياء في نومي لم أكن أعرفها. فانتبهت و أنا لا أعقل فرحا به. فباكرت الخليفة و ذكرت له القصّة. فقالت عريب: هذا شي‌ء صنعته أنت لما جرى بالأمس، و أمّا الصوت فصحيح. فخلفت للخليفة بما رضي/ به أنّ القصة كما حكيت. فقال: رؤياك و اللّه/ أعجب، و رحم اللّه عليّة! فما تركت ظرفها حيّة و ميّتة، و أجازني جائزة سنيّة. و لعليّة في هذا الصوت أعني:

بني الحب على الجور فلو

لحنان: خفيف ثقيل و هزج. و قيل إن الهزج لغيرها.

سمع الرشيد لحنين لها من جاريتيها عند إبراهيم الموصلي فرجع إليها و سمعهما منها و مدحهما:

و نسخت من كتاب محمد بن الحسن الكاتب حدّثني أحمد بن محمد الفيرزان [1] قال حدّثني بعض خدم السلطان عن مسرور الكبير، و نسخت هذا الخبر بعينه من كتاب محمد بن طاهر يرويه عن ابن الفيرزان [1]، و فيهما خلاف يذكر في موضعه، قال:

اشتاق الرشيد إلى إبراهيم الموصليّ يوما، فركب حمارا يقرب من الأرض، ثم أمر بعض خدم الخاصة بالسعي بين يديه، و خرج من داره، فلم يزل حتى دخل على إبراهيم. فلما أحسّ به استقبله و قبّل رجليه. و جلس الرشيد فنظر إلى مواضع قد كان فيها قوم ثم مضوا، و رأى عيدانا كثيرة، فقال: يا إبراهيم ما هذا؟ فجعل يدافع.

فقال: ويلك! اصدقني. فقال: نعم يا أمير المؤمنين، جاريتان أطرح عليهما. قال: هاتهما. فأحضر جاريتين ظريفتين، و كانت الجاريتان لعليّة بنت المهديّ بعثت بهما يطرح عليهما. فقال الرشيد لإحداهما: غنّي، فغنّت- و هذا كله من رواية محمد بن طاهر-:

بني الحبّ على الجور فلو

أنصف المعشوق فيه لسمج‌

ليس يستحسن في حكم الهوى‌

عاشق يحسن تأليف الحجج‌

لا تعيبن من محبّ ذلّة

ذلّة العاشق مفتاح الفرج‌

و قليل الحب صرفا خالصا

لك خير من كثير قد مزج‌

فأحسنت جدّا. فقال الرشيد: يا إبراهيم لمن الشعر؟ ما أملحه! و لمن اللحن؟ ما أظرفه! فقال: لا علم لي. فقال للجارية، فقالت: لستّي. قال: و من ستّك؟ قالت: عليّة/ أخت أمير المؤمنين. قال: الشعر و اللحن؟! قالت نعم! فأطرق ساعة ثم رفع رأسه إلى الأخرى فقال: غنّي؛ فغنّت:

صوت‌

تحبّب فإن الحبّ داعية الحبّ‌

و كم من بعيد الدار مستوجب القرب‌

تبصّر فإن حدّثت أنّ أخا هوى‌

نجا سالما فارج النّجاة من الحب‌

إذا لم يكن في الحب سخط و لا رضا

فأين حلاوات الرسائل و الكتب‌

- الغناء لعليّة خفيف ثقيل. و في كتاب علّويه: الغناء له- فسأل إبراهيم عن الغناء و الشعر؛ فقال: لا علم‌


[1] في أ، م: «الغيزران».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست