غنى
للمعتصم لحنا و سمعه أحمد بن أبي دواد فمال للغناء بعد أن كان يتجنبه:
أخبرني الحسين
بن القاسم الكوكبيّ قال حدّثني جرير بن أحمد بن أبي دواد قال حدّثني أخي عن أبي
قال:
كنت أتجنّب
الغناء و أطعن على أهله و أذمّ لهجهم به؛ فوجّه المعتصم إليّ عند خروجه من مدينة
السلام:
الحق بي؛ فلحقت
به بباب الشمّاسيّة و معي غلامي زنقطة، فوجدته قد ركب الزورق، و سمعت عنده صوتا
أذهلني حتى سقط سوطي/ من يدي و لم أشعر به، ثم احتجت و قد أعنق بي برذوني أن أكفّه
بسوطي. فقلت لغلامي: هات سوطك؛ فقال: سقط و اللّه من يدي لمّا سمعت هذا الغناء.
فغلبني الضّحك حتى بان في وجهي.
و دخلت إلى
المعتصم بتلك الحال. فلمّا رآني قال لي: ما يضحكك يا أبا عبد اللّه؟ فحدّثته،
فقال: أ تتوب الآن من الطعن علينا في السماع؟ فقلت له: قبل ذلك من كان يغنّيك؟
قال: عمّي إبراهيم، كان يغنّيني:
إنّ هذا الطويل من آل حفص
أنشر المجد بعد ما كان ماتا
ثم قال: أعده
يا عمّ ليسمعه أبو عبد اللّه فإني أعلم أنه لا يدع مذهبه. فقلت: بلى و اللّه
لأدعنّه/ في هذا و لا لمتك عليه. فقال: أمّا إذ [1] كانت توبته على يديك يا عمّ
فلقد فزت بفخرها و عدلت برجل ضخم عن رأيه إلى شأننا.
فضله مخارق
على نفسه و على إبراهيم الموصلي و ابن جامع:
حدّثني أحمد بن
عبيد اللّه بن عمّار قال حدّثني طلحة بن عبد اللّه الطّلحيّ قال حدّثني الحسين بن
إبراهيم [2] قال:
كنت أسأل
مخارقا: أيّ النّاس أحسن غناء؟ فيجيبني جوابا مجملا حتى حففت [3] عليه يوما قال:
كان إبراهيم الموصليّ أحسن غناء من ابن جامع بعشر طبقات، و أنا أحسن غناء من
إبراهيم الموصليّ بعشر طبقات، و إبراهيم بن المهديّ أحسن غناء منّي بعشر طبقات.
قال ثم قال لي: أحسن الناس غناء أحسنهم صوتا، و إبراهيم بن المهديّ أحسن الجنّ و
الإنس و الوحش و الطير صوتا، و حسبك هذا.
سمع إسحاق
الموصلي صوتا من لحنه و شعره فطرب له و استعاده عامة يومه و قصة ذلك:
حدّثني عليّ بن
هارون المنجّم قال حدّثني محمد بن أحمد بن عليّ بن يحيى قال سمعت جدّي عليّ بن
يحيى يقول حدّثني محمد بن الفضل الجرجرائي [4] قال:
/ انتبهت يوما
مغلّسا، فدخل إليّ الغلام فقال لي: إسحاق الموصليّ بالباب قبل أن أصلّي الغداة.
فقلت:
يدخل، في
الدنيا إنسان يستأذن لإسحاق! فدخل فقال: حملني الشوق إليك على أن بكرت هذا البكور،
و قد حملت معي نبيذي و عملت على المقام عندك. فقلت: مرحبا بك و أهلا. و دعوت
طبّاخي فسألته عمّا في