و
العامّة، و يوكّل به رجلا من قبله يثق به ليعرّفه أخباره و ما يتكلّم به. فكتب
إليه الموكّل به أنّ إبراهيم لمّا بلغه منعه من داري الخاصّة و العامّة تمثّل:
فلما قرأها
المأمون بكى و أمر بإحضاره من وقته مكرّما و إنزاله في مرتبته؛ فصار إليه محمد
فبشّره بذلك و أمره بالرّكوب فركب. فلما دخل على المأمون قبّل البساط ثم قال:
البرّ بي منك وطّا العذر عندك لي
دون اعتذاري فلم تعذل و لم تلم
و قام علمك بي فاحتجّ عندك لي
مقام شاهد عدل غير متّهم
رددت مالي و لم تمنن عليّ به
و قبل ردّك مالي قد حقنت دمي
تعفو بعدل و تسطو إن سطوت به
فلا عدمناك من عاف و منتقم
فبؤت منك و قد كافأتها بيد
هي الحياتان من موت و من عدم
فقال له: اجلس
يا عمّ آمنا مطمئنّا، فلن ترى أبدا منّي ما تكره، إلا أن تحدث حدثا أو تتغيّر عن
طاعة؛ و أرجو ألّا يكون ذلك منك إن شاء اللّه.
بذ أحمد بن يوسف
الكاتب في حسن المحاضرة:
أخبرني أحمد بن
جعفر جحظة قال حدّثني ابن حمدون عن أبيه قال:
كنت أحبّ أن
أجمع بين إبراهيم بن المهدي و أحمد بن يوسف الكاتب بما كنت أراه من تقدّم أحمد و
غلبته الناس جميعا بحفظه و بلاغته و أدبه في كل محضر و مجلس. فدخلت يوما على إبراهيم
بن المهديّ و عنده أحمد بن يوسف و أبو العالية الخزريّ، فجعل إبراهيم يحدّثنا
فيضيف شيئا إلى شيء، مرّة يضحكنا و مرّة يعظنا/ و مرّة ينشدنا و مرة يذكّرنا، و
أحمد بن يوسف ساكت. فلما طال بنا المجلس أردت أن أخاطب أحمد، فسبقني إليه أبو
العالية فقال:
مالك لا تبح يا كلب الدّوم
قد كنت نبّاحا فمالك اليوم
فتبسّم إبراهيم
ثم قال: لو رأيتني في يد جعفر بن يحيى لرحمتني كما رحمت أحمد منّي.
أثنى عليه
إسحاق:
أخبرني يحيى بن
عليّ قال حدّثني أبي قال قال لي إسحاق: ليس فيمن يدّعي العلم بالغناء مثل إبراهيم
بن المهديّ و أبي دلف القاسم بن عيسى العجليّ. فقيل له: فأين محمد بن الحسن بن
مصعب منهما؟ فقال: لو قيل لك إن محمد بن الحسن يبصر الغناء لكان ينبغي لك أن تقول:
و كيف يبصر الغناء من نشأ بخراسان لا يسمع من الغناء العربيّ إلّا ما لا يفهمه!.