و من أخبار
المعتضد باللّه الجارية مجرى هذا الكتاب.
المعتضد و
غلامه بدر:
حدّثني عمّي عن
جدّي رحمهما اللّه قال قال لي عبيد اللّه بن سليمان، و كان يأنس بي أنسا شديدا
لقديم الصّحبة و ائتلاف المنشأ: دعاني المعتضد يوما فقال:
/ أ لا تعاتب
بدرا [1] على ما لا يزال يستعمله من التخرّق في النّفقات و الإثابات و الزيادات و
الصّلات! و جعل يؤكّد القول عليّ في ذلك؛ فلم أخرج عن حضرته حتى دخل إليه بدر فجعل
يستأمره في إطلاقات مسرفة و نفقات واسعة و صلات سنيّة و هو يأذن له في ذلك كلّه.
فلما خرج رأى في وجهي إنكارا لما فعله بعد ما جرى بيني و بينه؛ فقال لي: يا عبيد
اللّه قد عرفت ما في نفسك، و أنا و إيّاه كما قال الشاعر:
صوت
في وجهه شافع يمحو إساءته
من القلوب مطاع حيثما شفعا
مستقبل الذي يهوى و إن كثرت
منه الإساءة مغفور لما صنعا
و في هذين
البيتين خفيف رمل.
كان المعتضد
يطرب لغناء ابن العلاء في شعر الوليد بن يزيد:
حدّثني محمد بن
إبراهيم قريض قال حدّثني أحمد بن العلاء قال:
فاستحسنه جدّا،
ثم قال لي: ويحك يا أحمد! أما ترى زهو الملك في شعره و قوله:
كلّلاني توّجاني
و بشعري غنّياني
و استعاده
مرارا، ثم وصلني كلّ مرّة استعاده بعشرة آلاف درهم، و ما وصل بها مغنّيا قبلي/ و
لا بعدي.
قال: و استعاده
منّي ستّ مرّات و وهب لي ستّين ألفا، و قال النّوشجانيّ: بل وصله بعشرة آلاف درهم
مرّة واحدة.
[1]
كان بدر هذا غلام المعتضد، ولاه الشرطة يوم ولي الخلافة، ثم ولاه بعد ذلك فارس.
(انظر «تاريخ ابن الأثير» ص 317، 328، 332، 335 ج 7). قتله المكتفي سنة 289 لأنه
أبى أن يبايعه. (انظر سبب مقتله بإسهاب في «تاريخ الطبري» ق 3 ص 2209- 2216).
[2] هذا من
شعر الوليد بن يزيد (انظر ج 7 ص 93 من هذه الطبعة).