أخبرني عمّي قال حدّثنا محمد بن سعد الكرانيّ قال حدّثنا العمريّ عن
كعب بن بكر [1] المحاربيّ: أنّ فاطمة بنت محمد بن الأشعث حجّت، فراسلها عمر بن أبي
ربيعة فواعدته أن تزوره، فأعطى الرسول الذي بشّره بزيارتها مائة دينار.
أخبرني عليّ بن
صالح عن أبي هفّان عن إسحاق عن رجاله المذكورين، قالوا: حجّت بنت لمحمد بن الأشعث
[- هكذا قال إسحاق و هو عندي الصحيح-] [2] و كانت معها أمّها و قد سمعت بعمر بن
أبي ربيعة فأرسلت إليه، فجاءها فاستنشدته، فأنشدها:
تشطّ غدا دار جيراننا
و للدّار بعد غد أبعد
و ذكر القصة
[3] بطولها. قال: و قد كانت لمّا جاءها أرسلت بينها و بينه سترا رقيقا تراه من
ورائه و لا يراها، فجعل يحدثها حتى استنشدته، فأنشدها هذه القصيدة،/ فاستخفّها
الشعر فرفعت السّجف، فرأى وجها حسنا في جسم ناحل، فخطبها و أرسل إلى أمّها
بخمسمائة دينار، فأبت و حجبته و قالت للرسول: تعود [4] إلينا. فكأن الفتاة غمّها
ذلك، فقالت لها أمّها: قد قتلك الوجد به فتزوّجيه. قالت: لا و اللّه لا يتحدّث أهل
العراق عنّي [5] أنّي جئت ابن أبي ربيعة أخطبه، و لكن إن أتاني إلى العراق
تزوّجته. قال: و يقال: إنها راسلته و واعدته أن تزوره، فأجمر [6] بيته و أعطى
المبشّر مائة دينار، فأتته و واعدته إذا صدر [7] الناس أن يشيّعها، و جعلت علامة
ما بينهما أن يأتيها رسوله ينشدها ناقة له [8]. فلما صدر الناس فعل ذلك عمر. و فيه
يقول و قد شيّعها:
[9] الخليط:
القوم المختلطون الذين أمرهم واحد. و قد كثرت هذه الكلمة في الشعر العربيّ؛ لأنهم
كانوا ينتجعون أيام الكلأ فتجتمع منهم قبائل شتى في مكان واحد فيتآلفون و
يتحابّون، فإذا افترقوا ساءهم ذلك، و قال شعراؤهم في هذا المقام ما شاءت لهم
فصاحتهم و بلاغتهم.