إن الحمد للّه،
نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ باللّه من شرور أنفسنا، من يهد اللّه فلا مضلّ
له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد
أن محمدا عبده و رسوله.
أما بعد، فيسر
مؤسسة دار إحياء التراث العربي أن تقدم لأهل العلم و الأدب في العالم الإسلامي و
العربي كتاب «الأغاني» [2] للعلامّة الأخباري، أبي الفرج، علي بن الحسين بن محمد
القرشي، الأموي، الأصبهاني الكاتب (ت 356)، الذي يعدّ من أشهر كتب الأدب و التراجم
و أجدرها بالثقة و قد اهتمّ به القدماء و لم يغفله المحدثون، ففيه ثروة أدبية و
اجتماعية و تاريخية و فنيّة لا تقدر بثمن.
و قد وضع
المؤلف كتابه بالأصل لذكر الغناء و الألحان، لكنه اتخذ ذلك ذريعة ليتوسع في ترجمة
الشعراء و الأدباء و يأتي بالعجب العجاب حتى عدّ كتاب الأغاني بحقّ من أمهات كتب
الأدب العربي، فقد ترجم لأكثر شعراء العرب: من جاهليين و مخضرمين، و محدثين، كما
ترجم لكثير من المغنين في الدولتين الأموية و العباسية، و جمع فيه الأغاني العربية
قديمها و حديثها.
فهو أوسع كتب
التراجم إطلاقا، ترجم لعدد من الأدباء حتى نهاية القرن الثالث الهجري، و بلغ عدد
تراجمه حوالي (500) شاعر و شاعرة عاشوا في الجاهلية و صدر الإسلام و العصر الأموي
و أوائل العباسي، و جلّ هذه التراجم شديدة التفصيل، غزيرة المادة، مما يجعل هذا
الكتاب سجلا للحضارة العربية و الإسلامية في كثير من مظاهرها.
[1]
انظر «المصادر العربية و المعربة» للدكتور محمد ماهر حمادة الصفحة (261، 262)، و
«مصادر الدراسات الإسلامية» للدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان الصفحة
(550) .
[2] طبع
بالقاهرة مطبعة بولاق الأميرية عام 1868 م في طبعته الأولى، ثم طبع ثانيا في
القاهرة، مطبعة التقدم عام 1905 م بتحقيق أحمد الشنقيطي و كلتا الطبعتين ينقصهما
التحقيق العلمي، ثم طبع ثالثا في مصر بإشراف المؤسسة المصرية العامة للكتاب (1921-
1948 م) في
(24) جزءا و هي الطبعة التي اعتمدناها كأصل لنسختنا هذه مع الاستئناس
بالطبعتين السابقتين.