responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 63

أسيد بن أبي العيص بن أميّة، فضحكوا منه و هزئوا به، فأنشأ يغنّي [1]:

فضحتم قريشا بالفرار و أنتم‌

قمدّون [2] سودان [3] عظام المناكب‌

فأمّا القتال لا قتال لديكم‌

و لكنّ سيرا في عراض المواكب‌

- و هذا شعر هجوا به قديما- فقاموا إليه ليتناولوه؛ فمنعهم العثمانيّ من ذلك و قال: ضحكتم منه حتى إذا أحفظتموه [4] أردتم أن تتناولوه، لا و اللّه لا يكون ذلك! قال إسحاق: فحدّثني ابن سلّام قال أخبرني من رآه على هذه الحال فقال له: أصرت إلى ما أرى؟ فأشار إلى حلقه و قال: إنّما كان هذا؛ فلمّا ذهب ذهب كلّ شي‌ء.

اعتراف المغنين لمعبد بالتفوق و السبق في صناعة الغناء

قال إسحاق: كان معبد من أحسن الناس غناء، و أجودهم صنعة، و أحسنهم حلقا [5]؛ و هو فحل المغنّين و إمام أهل المدينة في الغناء، و أخذ عن سائب خاثر، و نشيط مولى عبد اللّه بن جعفر، و عن جميلة مولاة بهز (بطن من سليم)، و كان زوجها مولى لبني الحارث بن الخزرج؛ فقيل لها مولاة الأنصار لذلك. و في معبد يقول الشعر:

أجاد طويس و السّريجي بعده‌

و ما قصبات السّبق إلا لمعبد

/ قال إسحاق قال ابن الكلبيّ عن أبيه: كان ابن أبي عتيق خرج إلى مكة فجاء معه ابن سريج إلى المدينة، فأسمعوه غناء معبد و هو غلام، و ذلك في أيام مسلم بن عقبة المرّيّ، و قالوا: ما تقول فيه؟ فقال: إن عاش كان مغنّي بلاده. و لمعبد صنعة لم يسبقه إليها من تقدّم، و لا زاد عليه فيها من تأخّر. و كانت صناعته التجارة في أكثر أيام رقّه، و ربّما رعى الغنم لمواليه، و هو مع ذلك يختلف إلى نشيط الفارسيّ و سائب خاثر مولى عبد اللّه بن جعفر، حتى اشتهر بالحذق و حسن الغناء و طيب الصّوت. و صنع الألحان فأجاد و اعترف له بالتقدّم على أهل عصره.

أخبرني الحسين بن يحيى قال قال حمّاد قرأت على أبي:

قال الجمحيّ: بلغني أن معبدا قال: و اللّه لقد صنعت ألحانا لا يقدر شبعان ممتلئ و لا سقّاء يحمل قربة على الترنّم بها و لقد صنعت ألحانا لا يقدر المتّكئ أن يترنّم بها حتى يقعد مستوفزا [6]، و لا القاعد حتى يقوم.

قال إسحاق: و بلغني أن معبدا أتى ابن سريج و ابن سريج لا يعرفه، فسمع منه ما شاء، ثم عرض نفسه عليه و غنّاه و قال له: كيف كنت تسمع جعلت فداءك؟ فقال له: لو شئت كنت قد كفيت بنفسك الطلب من غيرك. قال:

و سمعت من لا أحصي من أهل العلم بالغناء يقولون: لم يكن فيمن غنّى أحد أعلم بالغناء من معبد. قال: و حدّثني أيّوب بن عباية قال: دخلت على الحسن بن مسلم أبي العراقيب و عنده جاريته عاتكة، فتحدّث فذكر معبدا فقال:


[1] كذا في ت، ح، ر. و في سائر النسخ: «يقول».

[2] في جميع الأصول: «تمدّون» بالتاء و هو تحريف. و التصويب عن «خزانة الأدب» للبغداديّ. و القمدّ (بضم القاف و الميم و تشديد الدال): القويّ الشديد.

[3] سودان: جمع سود و هو جمع أسود، من السيادة. و الشعر للحارث بن خالد المخزوميّ. (انظر «البغدادي» طبع بولاق ج 1 ص 217).

[4] أغضبتموه.

[5] كذا في ت بالحاء المهملة، و في سائر النسخ: «خلقا» بالخاء المعجمة.

[6] قعدة المستوفز، هي قعدة الجالس على هيئة كأنه يريد القيام.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست