محمد: أسألك بالقرابة. قال: و أيّ قرابة بيني و بينك! و هل أنت إلا
من أشجع! قال: فأسألك بصهر عبد الملك.
قال: لم تحفظه.
فقال له: يا أمير المؤمنين، قد نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم أن يضرب
قرشيّ بالسّياط إلا في حدّ. قال: ففي حدّ أضربك و قود، أنت/ أوّل من سنّ ذلك على
العرجيّ، و هو ابن عمّي و ابن أمير المؤمنين عثمان، فما رعيت حقّ جدّه و لا نسبه
بهشام، و لا ذكرت حينئذ هذا الخبر، و أنا وليّ ثأره، اضرب يا غلام، فضربهما ضربا
مبرّحا، و أثقلا بالحديد، و وجّه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة، و أمره
باستصفائهما [1] و تعذيبهما حتى يتلفا، و كتب إليه: احبسهما مع ابن النّصرانيّة-
يعني خالدا القسريّ- و نفسك نفسك إن عاش أحد منهم.
فعذّبهم عذابا
شديدا، و أخذ منهم مالا عظيما حتى لم يبق فيهم موضع للضّرب. فكان محمد بن هشام
مطروحا، فإذا أرادوا أن يقيموه أخذوا بلحيته فجذبوه بها. و لمّا اشتدّت عليهما
الحال، تحامل [2] إبراهيم لينظر في وجه محمد، فوقع عليه فماتا جميعا، و مات خالد
القسريّ معهما في يوم واحد. فقال الوليد بن يزيد لمّا حملهما إلى يوسف بن عمر:
الرشيد و
إسحاق حين غناه قول العرجيّ أضاعوني البيت
قال إسحاق في
خبره: غنيت الرشيد يوما في عرض الغناء:
أضاعوني و أيّ فتى أضاعوا
ليوم كريهة و سداد ثغر
فقال لي: ما
كان سبب هذا الشعر حتى قاله العرجيّ؟ فأخبرته بخبره من أوّله إلى أن مات، فرأيته
يتغيظ كلّما مرّ منه شيء. فأتبعته بحديث مقتل ابني هشام، فجعل وجهه يسفر و غيظه
يسكن. فلمّا انقضى الحديث، قال لي: يا إسحاق! و اللّه لو لا ما حدّثتني به من فعل
الوليد لما تركت أحدا من أماثل بني مخزوم إلا قتلته بالعرجيّ.
[1]
كذا في ت، ح. و معناه أخذ أموالهما. و في سائر النسخ: «باستصعابهما» و هو تحريف.
[3] كذا في
أكثر النسخ. قال في «اللسان»: و المشخلبة: كلمة عراقية ليس على بنائها شيء من
العربية، و هي تتخذ من الليف و الخرز أمثال الحلي، و قد تسمى الجارية مشخلبة لما
يرى عليها من الخرز كالحليّ. و في ت: «مخشلبة» بتقديم الخاء المعجمة على الشين
المعجمة، و معناهما واحد.
[5] يريد
حجبة الكعبة. و كانت الحجابة في بني قصيّ و قد بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم و حجابة البيت في يد شيبة بن عثمان بن طلحة بن عبد الدار بن قصى،
فأبقاها و اختص بها أولاده من بعده، فهي فيهم إلى الآن.
[6] يريد
بالكلبي محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبيّ النّسابة المعروف.