فغنّاه ابن
سريج و بيده قضيب يوقع به و ينكت، فو اللّه ما سمعت شيئا قطّ أحسن/ من ذلك. فقال
جرير: [للّه درّكم] [1] يا أهل مكّة، ما أعطيتم! و اللّه لو أنّ نازعا نزع [2]
إليكم ليقيم بين أظهركم فيسمع هذا صباح مساء لكان أعظم الناس حظّا و نصيبا، فكيف و
مع هذا بيت اللّه الحرام، و وجوهكم الحسان، و رقّة ألسنتكم، و حسن شارتكم [3]، و
كثرة فوائدكم! أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن جدّه إبراهيم [4] قال:
الوليد بن
عبد الملك و ابن سريج
كتب الوليد بن
عبد الملك إلى عامل مكة أن أشخص إليّ ابن سريج، فأشخصه. فلمّا قدم مكث أيّاما لا
يدعو به و لا يلتفت إليه. قال: ثم إنه ذكره، فقال: ويلكم! أين ابن سريج؟ قالوا: هو
حاضر. قال: عليّ به. فقالوا:
أجب أمير
المؤمنين. فتهيّأ و لبس و أقبل حتى دخل عليه فسلّم. فأشار إليه أن اجلس، فجلس
[بعيدا [4]]. فاستدناه [فدنا [5]] حتى كان منه قريبا، و قال: ويحك يا عبيد! لقد
بلغني عنك ما حملني على الوفادة بك من كثرة أدبك و جودة اختيارك مع ظرف لسانك و
حلاوة مجلسك. فقال: جعلت فداءك يا أمير المؤمنين! «تسمع بالمعيديّ خير من أن
تراه». قال الوليد: إني لأرجو ألّا تكون أنت ذاك، ثم قال: هات ما عندك. فاندفع ابن
سريج فغنّى بشعر الأحوص:
[7] لم
نضبطه؛ لأنا لا ندري أ هو بيش بفتح أوّله و سكون ثانيه و قد ذكره ياقوت و قال: إنه
أحد مخاليف اليمن و فيه عدّة معادن، أم بيش بكسر أوّله من بلاد اليمن أيضا قرب
دهلك.
[8] وج: اسم
واد بالطائف بالبادية؛ سمى بوجّ بن عبد الحيّ من العمالقة.
[9] جالسا:
آتيا الجلس و هو نجد؛ قال عبد اللّه بن الزبير: