responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 99

و غداة ريح قد كشفت و قرة

إذ أصبحت بيد الشمال زمامها [1]

و ذلك أنّه جعل للشمال يدا، و معلوم أنّه ليس هناك مشار اليه يمكن أن تجري اليد عليه كاجراء الأسد و السيف على الرجل في مثل: «انبرى لي أسد يزأر» و «سللت سيفا على العدو لا يفلّ»: و الظباء على النساء في «من الظباء الغيد» و النور على الهدى و البيان في «أبديت نورا ساطعا».

و الفرق بين القسمين أنّ التشبيه في الأول يأتي عفوا، و لا يأتي في الثاني إلا بعد التأمل و التفكير [2].

و قد أوضح المتأخرون ما يجري من الاستعارة في الاسم فقالوا إنّ الاسماء ثلاثة: الاول: الاسم العلم و لا مدخل للمجاز فيه؛ لأنه في جميع مواقعه أصل، و من حق المجاز أن يكون مسبوقا بوضع أصلي ثم ينقل عنه، و من حق المجاز أن يكون بينه و بين ما نقل عنه علاقة يحسن لأجلها التجوز و النقل. و هذا غير موجود في الأعلام، و لكنهم جوزوا ذلك في الأعلام التي اشتهرت بنوع من الوصف مثل حاتم في «رأينا اليوم حاتما» أي: رجلا كاملا الجود.

الثاني: الاسم المصدر و هو المشتق منه، و قد يدخله المجاز إذا وقع في غير موضعه مثل: «رجل عدل» و غير ذلك من المشتقات و الصفات.

الثالث: اسم الجنس، و أكثر ما يرد المجاز في المفرد منه مثل «أسد» و «بحر» و «ليث» و غير ذلك من الاسماء المفردة.

و قد تدخل الاستعارة في أسماء الاشارة كقوله تعالى: هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ‌ [3]، فقوله:

هذا استعارة لأنّه إنّما يستعمل حقيقة فيما كان قريبا مشارا اليه، فالمجاز في الاشارة داخل هنا فيما يعرض من أحواله في القرب و البعد [4].

الاستعارة في الأفعال:

تحدث عبد القاهر عنها و قال إنّ الفعل إذا استعير لما ليس له في الاصل فانّه يثبت باستعارته له وصفا هو شبيه بالمعنى الذي اشتق الفعل منه. ففي «نطقت الحال بكذا» و «أخبرتني أسارير وجهه بما في ضميره» و «كلمتني عيناه بما يحوي قلبه» نجد في الحال وصفا هو شبيه بالنطق من الانسان و ذلك أنّ الحال تدلّ على الأمر و يكون فيها أمارات يعرف بها الشي‌ء كما أنّ النطق كذلك، و كذلك العين فيها وصف شبيه بالكلام و هو دلالتها بالعلامات التي تظهر فيها و في نظرها و خواص أوصاف يحدس بها على ما في القلوب من الانكار و القبول.

قال عبد القاهر موضحا ذلك: «و اذا كان أمر الفعل في الاستعارة على هذه الجملة رجع بنا التحقيق الى أنّ وصف الفعل بأنه مستعار حكم يرجع الى مصدره الذي اشتق منه. فاذا قلنا في قولهم: «نطقت الحال» إنّ «نطق» مستعار فالحكم بمعنى أنّ النطق مستعار، و اذا كانت الاستعارة تنصرف الى المصدر كان الكلام فيه على ما مضى» [5].

و الفعل يكون استعارة مرة من جهة فاعله الذي رفع به نحو «نطقت الحال بكذا» و «أخبرتني أسارير وجهه بما في ضميره» و «كلمتني عيناه بما يحوي قلبه».

و يكون أخرى استعارة من جهة مفعوله كقول ابن المعتز:

جمع الحقّ لنا في إمام‌

قتل البخل و أحيا السّماحا

ف «قتل» و «أحيا» إنّما صارا مستعارين بأن عدّيا الى البخل و السّماح، و لو قال: «قتل الأعداء و أحيا» لم يكن «قتل» استعارة بوجه و لم يكن «أحيا» استعارة


[1] القر؛ البرد، قرة؛ باردة.

[2] أسرار البلاغة ص 42، 222.

[3] ص 55.

[4] نهاية الايجاز ص 87، البرهان الكاشف ص 112، الطراز ج 1 ص 88.

[5] أسرار البلاغة ص 50.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست