اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 589
المجاز:
جزت الطريق و جاز الموضع جوازا، و
جاز به و جاوزه و أجازه غيره و جازه و جاوزه و أجازه و أجاز غيره، و جازه: سار فيه
و سلكه، و جاوزت الموضع جوازا بمعنى جزته. و المجاز و المجازة: الموضع[1].
المجاز اسم للمكان الذي يجاز فيه
كالمعاج و المزار و أشباههما، و حقيقته هي الانتقال من مكان الى آخر، و أخذ هذا
المعنى و استعمل للدلالة على نقل الالفاظ من معنى آخر. و قد تحدّث البلاغيون و
النقّاد عن هذا الفن في كتبهم و سمّى أبو عبيدة أحد كتبه «مجاز القرآن» و عالج فيه كيفية التوصّل الى فهم المعاني القرآنية باحتذاء
اساليب العرب في كلامهم و سننهم في وسائل الإبانة عن المعاني. و لم يعن بالمجاز ما
هو قسيم الحقيقة و انما عنى بمجاز الآية ما يعبر به عن الآية، و أشار ابن تيميّة
الى ذلك و هو يتحدّث عن الحقيقة و المجاز و قال: «إنّ الحقيقة و المجاز من عوارض الألفاظ و بكل حال فهذا التقسيم هو اصطلاح
حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة لم يتكلّم به أحد من الصحابة و لا التابعين لهم
بإحسان و لا أحد من الأئمة المشهورين في العلم كمالك و الثوري و الأوزاعي و أبي
حنيفة و الشافعي بل و لا تكلّم به أئمة اللغة و النحو كالخليل و سيبويه و أبي عمرو
بن العلاء و نحوهم. و أوّل من عرف أنّه تكلّم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر بن
المثنّى في كتابه و لكن لم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة و إنّما عنى بمجاز
الآية ما يعبّر به عن الآية»[2]. ثم قال:
«فان تقسيم الألفاظ الى حقيقة و مجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة و ظهرت
أوائله في المائة الثالثة، و ما علمته موجودا في المائة الثانية اللّهمّ إلّا أن
يكون في أواخرها»[3] و لكنّ أسلوب الحقيقة و المجاز كان معروفا و مستعملا في كلام العرب
قبل ذلك و يسمي المجاز «سعة في الكلام»[4] أي انه غير حقيقي. و سمّاه الفرّاء
«الإجازة» فقال بعد قوله تعالى:فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرى[5]:
يقول: قد خلق على أنّه شقي ممنوع من الخير، و يقول القائل فكيف قال:فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرى فهل
فيلِلْعُسْرى تيسير؟ فيقال في هذا في إجازته
بمنزلة قول اللّه تبارك اللّه و تعالى:
وَ بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِعَذابٍ أَلِيمٍ[6]. و البشارة في الاصل على المفرح و السار، فاذا جمعت في كلامين:
و تعرّض الجاحظ للمجاز و هو عنده
صوره المختلفة، و من لطيف كلامه تعليقه على قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ
أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ
سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً[8]. و قوله إنها من باب المجاز و
التشبيه على شاكلة قوله تعالى:أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ[9]. و قد يقال لهم ذلك و إن شربوا بتلك
الأموال الأنبذة و لبسوا الحلل و ركبوا الدواب و لم ينفقوا منها درهما واحدا في
سبيل الأكل. و قال اللّه- عز و جل- في تمام الآية:إِنَّما يَأْكُلُونَ
فِي بُطُونِهِمْ ناراً و هذا مجاز آخر، و قرن بالآية بعض آيات أخر من التنزيل الحكيم و بعض
أشعار العرب التي تجري مجراها في الاستعارة ثم عقّب بقوله: «فهذا كله مختلف، و هو كله مجاز»[10] و قال عن المجاز:
«و هذا الباب هو مفخر العرب في لغتهم و به و بأشباهه اتسعت»[11].