اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 580
في المعاني و طلبوا أن يحسن مراعاة
المؤاخاة اللفظية كالإفراد و التثنية و الجمع و غير ذلك من الأحكام اللفظية، فاذا
كان الاول مفردا استحب في مقابله أن يكون مفردا مثله، و هكذا إذا كان مجموعا، و من
ثمّ عيب على أبي تمام قوله في وصف الرماح:
مثقفات
سلبن العرب سمرتها
و
الروم زرقتها و العاشق القصفا
و عيب على أبي نواس قوله في وصف
الخمر:
صفراء
مجّدها مرازبها
جلّت
عن النظراء و المثل
لأنّه جمع ثم أفرد في معنى، و كان
الأحسن أن يقول:
«و الامثال» ليطابق «النظراء»، أو «النظير» ليطابق «المثل»[1].
و من جميل المؤاخاة اللفظية قوله
تعالى:طَبَعَ
اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ[2]، و قوله:
تأتي المؤاخاة المعنوية مطابقة على
ما سبق من الكلام، و منها كثير في فواصل القرآن الكريم، و من ذلك قوله تعالى:أَ لَمْ تَرَ أَنَّ
اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ
اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[5] فصل الآية بقوله:لَطِيفٌ خَبِيرٌ لما فيه من المطابقة لمعناها لأنّه
ضمنها ذكر الرحمة للخلق بانزال الغيث لما فيه من المعاش لهم و لانعامهم فكان لطيفا
بهم خبيرا بمقادير مصالحهم. و منه قوله تعالى:لَهُ ما فِي
السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[6] و قد
فصلها بقوله:الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ ليطابق
ما أودعه فيها لأنّه لما ذكر أنّه مالك لما في السماوات و الارض لا لحاجة قابله
بقوله:لَهُوَ
الْغَنِيُ أي:
عن كل شيء؛ لأنّ كل غني لا يكون نافعا بغناه إلا إذا كان جوادا به منعما على غيره
فانه يحمده المنعم عليه فذكرالْغَنِيُ ليدل به على كونه غير مفتقر اليها و ذكرالْحَمِيدُ لما كان جوادا على خلقه فلا جرم
استحق الحمد من جهتهم.
قال الحلبي و النّويري: «هو أن يريد الشاعر التسوية بين
ممدوحين فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما و يروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر
بزيادة لا ينقص بها مدح الآخر فيأتي لأجل الترجيح بمعان تخالف التسوية»[9]. و منه قول
الخنساء في أخيها صخر و قد أرادت مساواته بأبيه مع مراعاة حق الوالد بزيادة فضل لا
ينقص بها قدر الولد: