اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 546
الفصاحة بالبلاغة و الاشارة الى أنّهما
شيء واحد. و قد تحدث عن الحروف و سلامتها و تآلفها و تكلم على تنافرها و غرابتها
و وحشيتها، و هذا ما أدخله المتأخرون في شروط فصاحة الكلمة المفردة و فصاحة الكلام
المركّب.
و تحدّث ابن قتيبة عن الألفاظ عند كلامه
على الشعر و تقسيمه الى أربعة أقسام: ضرب حسن لفظه و جاد معناه، و ضرب حسن لفظه و
حلا فإذا أنت فتشته لم تجد هناك فائدة في المعنى، و ضرب جاد معناه و قصرت ألفاظه،
و ضرب تأخر معناه و تأخر لفظه «1».
و لم يحدّد شروط اللفظ الفصيح او البديع.
و فعل مثل ذلك المبرّد و ثعلب و ابن المعتز «2»، و ذكر
قدامة نعت اللفظ الحسن، و هو ما كان سمحا، و سهل مخارج الحروف عليه رونق الفصاحة
مع الخلو من البشاعة.
و حدّد عيوب اللفظ و هي أن يكون ملحونا و
جاريا على غير سبيل الإعراب و اللغة، و أن يركب الشاعر منه ما ليس بمستعمل إلا في
الفرط، و لا يتكلم به إلا شاذا و ذلك هو الوحشي الذي مدح عمر بن الخطاب- رضي اللّه
عنه- زهيرا بمجانبته له و تنكبه اياه فقال: «لا يتبع حوشي الكلام» «3»
و ذكر ابن وهب بعض ما يتصل باللفظ «4»، و كان
العسكري من أوائل الذين وقفوا طويلا عند الفصاحة و فرّق بينها و بين البلاغة. و قد
ذكر رأيين في الفصاحة، الأول أنّ الفصاحة و البلاغة ترجعان الى معنى واحد و إن
اختلف أصلاهما لأنّ كل واحدة منهما هي الابانة عن المعنى و الاظهار له. الثاني:
أنّهما مختلفتان و ذلك أنّ الفصاحة تمام آلة البيان فهي مقصورة على اللفظ لأنّ
الآلة تتعلق باللفظ دون المعنى، و البلاغة إنما هي إنهاء المعنى الى القلب فكأنها
مقصورة على المعنى.
قال: «و قال بعض علمائنا: الفصاحة تمام
آلة البيان فلهذا لا يجوز أن يسمى اللّه تعالى فصيحا إذ كانت الفصاحة تتضمن الآلة
و لا يجوز على اللّه تعالى- الوصف بالآلة و يوصف كلامه بالفصاحة لما يتضمن من تمام
البيان. و الدليل على ذلك أنّ الألثغ و التمتام لا يسميان فصيحين لنقصان آلهتما
على اقامة الحروف.
و قيل زياد الاعجم لنقصان آلة نطقه عن
إقامة الحروف، و كان يعبّر عن الحمار بالهمار، فهو أعجم و شعره فصيح لتمام بيانه»
«5»
و أوضح المسألة بقوله: «و من الدليل على
أنّ الفصاحة تتضمن اللفظ و البلاغة تتناول المعنى أنّ الببعاء يسمى فصيحا و لا
يسمى بليغا، إذ هو مقيم الحروف و ليس له قصد الى المعنى الذي يؤديه. و قد يجوز مع
هذا أن يسمّى الكلام الواحد فصيحا بليغا إذا كان واضح المعنى سهل اللفظ جيد السبك
غير مستكره مجّ و لا متكلف و خم و لا يمنعه من أحد الاسمين شيء لما فيه من إيضاح
المعنى و تقويم الحروف» «6». و عقد فصلا في تمييز الكلام تحدث فيه عن صفات الالفاظ الحسنة و
انتهى الى أنّ الكلام اذا جمع العذوبة و الجزالة و السهولة و الرصانة مع السلاسة و
النصاعة و اشتمل على الرونق و الطلاوة و سلم من الحيف في التأليف و بعد عن سماجة
التركيب و ورد على الفهم الثاقب- قبله و لم يرده و على السمع المصيب استوعبه و لم
يمجّه، و النفس تقبل اللطيف و تنبو عن الغليظ «7».
و عقد ابن سنان في كتاب «سر الفصاحة»
فصولا ضافية تحدّث فيها عن صفات الحروف و مخارجها و فصاحة اللفظة المفردة و
الألفاظ المؤلّفة. و الفصاحة عنده «الظهور و البيان» «8» و الفرق
بينها و بين البلاغة «أنّ الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ و البلاغة لا
(1) الشعر و
الشعراء ج 1 ص 66- 67.
(2) الكامل ج 1 ص 43، قواعد الشعر
ص 59.
(3) نقد الشعر
ص 26.
(4) البرهان في
وجوه البيان ص 177، 252.
(5) كتاب
الصناعتين ص 7- 8.
(6) كتاب
الصناعتين ص 8.
(7) كتاب
الصناعتين ص 57.
(8) سر الفصاحة
ص 59.
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 546