و التّشابه عند الحلبي و النويري
هو التّناسب أي ترتيب المعاني المتآخية التي تتلاءم و لا تتنافر، كقول النابغة:
و
الرّفق يمن و الأناة سعادة
فاستأن
في رزق تنال نجاحا
و
اليأس عمّا فات يعقب راحة
و
لربّ مطعمة تعود ذباحا
و قالا عن التّناسب: «و يسمّى التشابه أيضا، و قيل:
التشابه أن تكون الألفاظ غير
متباينة بل متقاربة في الجزالة و الرّقّة و السلاسة و تكون المعانى مناسبة
لألفاظها من غير أن يكسو اللفظ الشريف المعنى السخيف أو على الضد، بل يصاغان معا
صياغة تناسب و تلاؤم»[2].
تشابه الأطراف:
أطلقه المصري على التسبيغ[3] و قد
تقدّم. و لكنّ القزويني عدّه من مراعاة النظير و قال: «و من مراعاة النظير ما يسمّيه بعضهم «تشابه الأطراف» و هو أن يختم الكلام بما يناسب أوّله في المعنى»[4]. كقوله
تعالى:لا
تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ
الْخَبِيرُ[5].
فإنّ اللطيف يناسب ما لا يدرك بالبصر، و الخبرة تناسب من يدرك شيئا
فإنّ من يدرك شيئا يكون خبيرا به. و من خفيّ هذا الضرب قوله تعالى:إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ، وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ[6].
فان قوله:وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يوهم أنّ الفاصلةالْغَفُورُ الرَّحِيمُ* و لكن إذا انعم النظر علم أنّه يجب
أن تكون ما عليه التلاوة لأنّه لا يغفر لمن يستحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد
عليه حكمه فهو العزيز الحكيم.
و تابع القزويني شرّاح التلخيص[7] في ذلك، و
هو ليس التسبيغ الذي تحدث عنه الآخرون. و تحدث المدني عن نوع سماه «تناسب الاطراف» و قال: هو «عبارة عن أن يبتدئ المتكلم كلامه بمعنى
ثم يختمه بما يناسب ذلك المعنى الذي ابتدأ به»[8]. و هو الذي سمّاه القزويني و شراح
التلخيص «تشابه الأطراف»، و سماه بعضهم «تشابه الاطراف المعنوي» قال المدني: «هو تطويل في العبارة فرأينا نحن
تسميته بتناسب الاطراف أولى لمطابقته لمسماه»[9].