اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 301
مراجعة في القول و محاورة جرت بينه
و بين غيره بأوجز عبارة و أخصر لفظ فينزل في البلاغة أحسن المنازل و أعجب المواقع.
و من جيد ما يورد من أمثلتها ما
قاله بعض الشعراء[1].
قالت
ألا لا تلجن دارنا
إنّ
أبانا رجل غائر
أما
رأيت الباب من دوننا
قلت
بأنّي واثب ظافر
قالت
فانّ الليث عادية
قلت
فسيفي مرهف باتر
قالت
أ ليس البحر من دوننا
قلت
فانّي سابح ماهر
قالت
أ ليس اللّه من فوقنا
قلت
بلى و هو لنا غافر
قالت
فامّا كنت أعييتنا
فأت
اذا ما هجع السامر
و
اسقط علينا كسقوط النّدى
ليلة
لاناه و لا آمر
و ألطف من هذا قول أبي نواس في
شعره:
قال
لي يوما سليما
ن
و بعض القول أشنع
قال
صفني و عليّا
أيّنا
أتقى و أورع
قلت
إني إن أقل ما
فيكما
بالحقّ تجزع
قال
كلّا قلت مهلا
قال
قل لي قلت فاسمع
قال
صفه قلت يعطي
قال
صفني قلت تمنع
و من جيده ما قاله البحتري:
بتّ
أسقيه صفوة الراح حتى
وضع
الكأس ماثلا يتكفّا
قلت
عبد العزيز تفديك نفسي
قال
لبيك قلت لبيك ألفا
هاكها
قال هاتها قلت خذها
قال
لا أستطيعها ثم أغفى
فهذا و ما شاكله من جيد ما يؤثر في
المحاورة و ترجيع الخطاب على وجهه الملاطفة و الاستعطاف»[2].
و ذكر السيوطي في بحث التكرير نوعا
خاصا منه سماه الترجيع و قال: «قال الطيبي هو أن يكون المعنى مهتما بشأنه فاذا شرع في نوع من الكلام نظر
الى ما يتخلص اليه فاذا تمكن من إيراده كرّ اليه كقوله تعالى:وَ لا تُعْجِبْكَ
أَمْوالُهُمْ وَ أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها
فِي الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ[3]. قال الزمخشري[4] في تجديد
النزول له شأن في تقرير ما نزل له و تأكيده و ارادة أن يكون على بال من المخاطب و
لا ينساه و لا يسهو عنه لفوته فأشبه الشيء الذي أهم صاحبه فهو يرجع اليه في أثناء
حديثه و يتخلص اليه»[5].
و سمّاه الآخرون «المراجعة» و ذكر المصري أنّه من مبتدعاته قال: «هو أن يحكي المتكلم مراجعة في القول و محاورة في الحديث جرت بينه و بين
غيره أو بين اثنين غيره بأوجز عبارة و أرشق سبك و أسهل ألفاظ إما في بيت واحد أو
في أبيات أو جملة واحدة»[6] كقول عمر بن أبي ربيعة: