و ذكر ابن رشيق الالتقاط و التلفيق
و لم يعرفهما و انما اكتفى ببعض أمثلة الحاتمي[2]. و عرّف ابن منقذ الالتقاط بقوله: «و هو ما يتطارحه العلماء و الشعراء و
الكتاب بينهم، و هو أن يطرح بيت و يولد من كل كلمة منه بيت أو من كلمتين أو ثلاثة
أو غير ذلك مثلما ذكر في كتاب الصناعتين التلفيق و الالتقاط و هو أن يكون البيت
ملفقا من ابيات قبله»[3]. و ذكر الأمثلة التي ذكرها الحاتمي و ابن رشيق.
و قد عرّفه المصري بقوله: «هو أن تكون صحة الكلام المدخول ظاهره
موقوفة على الاتيان فيه بما يبادر الخصم الى ردّه بشيء يلجئه الى الاعتراف بصحته.
و ملخص تعريفه أن يقال: لكل كلام يرد فيه على المعترض عليه جواب مدخول إذا دخله
الخصم به التجأ الى تصحيح الجواب»[5]، كقوله تعالى:
وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ
يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ[6]، قال اللّه تعالى في جواب هذا
القول:لِسانُ
الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ[7] فان للخصم
أن يقول: نحن إنّما أردنا القصص و الأخبار و نحن نعلم أنّ الأعجمي إذا القى الكلام
الى العربي لا يخرجه عن كونه تعلم معانيه من الأعجمي. فظاهر الكلام لا يصلح أن
يكون ردا على المشركين فيقال لهم: هب أنّ الأعجمي علمه المعاني فهذه العبارة
الهائلة التي قطعت أطماعكم عن الاتيان بمثلها من علمها له؟ أفان كان هو الذي أتى
بها من قبل نفسه كما زعمتم فقد أقررتم أنّ رجلا واحدا منكم أتى بهذا المقدار من
الكلام الذي هو مائة سورة و أربع عشرة سورة، و قد عجزتم بأجمعكم، و كل من تدعونه
من دون اللّه عن الاتيان بأقصر سورة. فان قلتم: إنّ الاعجمي علمه المعاني و
الالفاظ فهذا أشد عليكم لأنّه إقرار بأنّ رجلا أعجميا قدر على ما بين من الآيات
المتضمنة للأخبار و القصص و قد عجزتم عن ثلاث آيات منهن، يلجئهم ذلك الى الاقرار
بأنّه من عند اللّه.
و قال السبكي: «هو ذكر اعتراض و جواب»[8]، و لم يذكر له أمثلة. و يبدو أنّ المصري انفرد بالحديث عن هذا الفن،
لأنّ «الالتجاء و المعاظلة» الذي ذكره ابن منقذ
غير ذلك[9]، فالالتجاء و المعاظلة- كما تقدم- هو ما سماه عبد القاهر الاستعارة
غير المفيدة، و الإلجاء الذي ذكره المصري و السبكي هو «ذكر اعتراض و جواب».
إلجام الخصم بالحجّة:
يقال: ألجم الفرس أي وضع له اللجام،
و في الحديث: «من سئل عما يعلمه فكتمه ألجمه اللّه
بلجام من نار يوم القيامة»، أي أنّ الممسك عن