اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 148
و علم البيان.
و رأى الرازي أنّ إعجاز الكتاب
العزيز و بلاغته راجعان الى الفصاحة التي يشتمل عليها نظمه و بدائعه[1].
و استعرض السكاكي الآراء في
الإعجاز فوجد أنها أربعة ثم أورد وجها خامسا رآه أحسن الآراء و خير الوجوه، و قال:
«فهذه أقوال أربعة يخمّسها ما يجده أصحاب
الذوق أنّ وجه الاعجاز هو أمر من جنس البلاغة و الفصاحة و لا طريق لك الى هذا
الخامس إلا طول خدمة هذين العلمين- المعاني و البيان- بعد فضل إلهي من هبة يهبها
بحكمته من يشاء، و هي النفس المستعدة لذلك فكل ميسر لما خلق له، و لا استبعاد في
انكار هذا الوجه ممن ليس معه ما يطلع عليه، فلكم سحبنا الذيل في إنكاره ثم ضممنا
الذيل ما ان ننكره، فله الشكر على جزيل ما أولى، و له الحمد في الآخرة و الأولى»[2]. و انتهى
الى أنّ شأن الاعجاز يدرك و لا يوصف كاستقامة الوزن تدرك و لا يمكن وصفها و
كالملاحة، قال: «و مدرك الاعجاز عندي هو الذوق ليس
إلا، و طريق اكتساب الذوق خدمة هذين العلمين- المعاني و البيان- نعم للبلاغة وجوه
ملتثمة ربما تيسرت إماطة اللثام عنها لتجلى عليك أما نفس وجه الاعجاز فلا»[3]. و هذه
نظرة تعتمد على الذوق و الادراك الروحاني أكثر من اعتمادها على التعليلات التي
أوردها كثير من العلماء. و هذا ما يحمد للسكاكي الذي عاش في زمن تحكّم المنطق فيه
و أخذت النظرة العقلية تطغى في التعليل و التفسير.
و كان لهذه الآراء و غيرها أثر في
دراسة البلاغة لأنّها دفعت الناس الى الوقوف على أساليبه و ما فيه من فنون القول،
و لذلك كانت معظم كتب «إعجاز القرآن» كتبا بلاغية، و هذا من فضل القرآن العظيم.
الأعداد:
تحدّث الرازي عن التّعديد و قال: «هو إيقاع الأعداد من الأسماء المفردة
في النثر و النظم على سياق واحد، فإن روي فيه ازدواج أو تجنيس أو مطابقة أو مقابلة
أو نحوها فذلك في غاية الحسن»[4]. و منه قول القائل: «فلان اليه الحلّ و العقد و القبول و
الردّ و الأمر و النهي و الإثبات و النفي»، و قول المتنبي:
الخيل
و الليل و البيداء تعرفني
و
الطّعن و الضّرب و القرطاس و القلم
و قال ابن الزملكاني: «هو إيقاع الألفاظ المفردة على سياق
واحد»[5]، كقوله تعالى:اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[6]، و قوله:الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ[7].
و قال الحلبي و النويري إنه يسمّى:
«سياقة العدد» أو «سياقة الأعداد» و نقلا كلام الرازي و مثاليه:
النثري و الشعري[8]. و كان
الثعالبي قد سمّاه «سياقة الأعداد»[9]. و فعل مثل ذلك الوطواط الذي قال: «سياقة الأعداد: و تكون هذه الصنعة بأن
يسوق الكاتب أو الشاعر في نثره أو نظمه عددا من الأسماء المفردة على نسق واحد بحيث
يكون كل واحد من هذه الأسماء له معنى قائم بذاته و يكون اسما كذلك لشيء آخر. و
هذه الصنعة أكثر قبولا و أشد أسرا إذا اقترنت بازدواج اللفظ أو التجنيس أو التضاد
أو أي صنعة أخرى من