الصيغة الأولى: «ما أفعله» تتألف من «ما» التّعجّبيّة و قد أجمعوا على اسميّتها و استدلّوا على ذلك بشيئين:
عود الضمير في «أفعل» على «ما»، و إعرابها مبتدأ لانها مجردة للإسناد إليها. و لكنهم اختلفوا في
ماهيّتها: فمنهم من قال: إنها نكرة تامّة بمعنى: «شيء» جاز
الابتداء بها لأنها تتضمن معنى التّعجّب. و الجملة بعدها خبر المبتدأ.
و إلى هذا الرأي يميل سيبويه. و
منهم من يرى أنها اسم موصول بمعنى «الذي» فهي
بذلك معرفة لا نكرة و الجملة بعدها لا محل لها من الإعراب لأنّها صلة الموصول. و
إلى هذا الرأي يميل الأخفش.
و منهم من يرى أنها نكرة غير تامّة
و الجملة بعدها صفة، و خبر المبتدأ محذوف في الحالين الأخيرين تقديره: «شيء عظيم». و أمّا «أفعل» فهو فعل ماض مبنيّ على الفتح جامد و تلزمه نون الوقاية إذا اتصلت به
ياء المتكلّم، مثل: «ما أحوجني إلى رحمة ربّي» و ما بعده
مفعول به.
و ذهب الكوفيّون أن «أفعل» ليست فعلا بل هي اسم و استدلّوا بهذا على أنّه يصلح تصغيره ففتحته
فتحة إعراب بدليل تصغيره بالقول: ما أميلحه رجلا و قالوا: «يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا».
و الصيغة الثانية: «أفعل به». فصيغة «أفعل» هي
فعل أمر، مجمع عليه، و أكثر النّحاة يعتقدون أن لفظها لفظ الأمر و معناها الخبر، و
هو في الحقيقة فعل ماض على صورة «أفعل» بمعنى:
صار ذا كذا. ثمّ غيّرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظّاهر فزيدت
الباء