اسم الکتاب : المعجم المفصل في النحو العربي المؤلف : عزیزه فوال بابتی الجزء : 1 صفحة : 284
الضّمير ما وقع قط نكرة و هو دائما
معرفة و الذي يدلّ على ذلك أنّ علامات التّنكر لا يحسن دخولها عليه، بل فيها إبهام
تبيّنه هذه الحروف، كالتاء في «أنت» فإن
الضّمير هو «أن» و هو مبهم و «التاء» تبيّنه
فإن كانت مفتوحة دلّت على أنّه للمذكّر و إن كانت مكسورة دلّت على أنه للمؤنث .. و
كذلك في «إياك» إذ جعلت هذه الأحرف مبيّنة لذلك
الإبهام، و كما لا يجوز أن يكون «أن» مضافا
إلى «التاء» في «أنت» فكذلك
لا يجوز أن يقال: إن «إيّا» مضاف إلى لواحقه.
4- و ذهب المبرّد إلى أنّ «إيّا» اسم
مبهم أضيف للتّخصيص و لا يعلم اسم مبهم أضيف غيره. فالجواب عن ذلك أن الاسم المبهم
معرفة و المعرفة لا تضاف.
5- و ذهب الزّجاج إلى أنّه اسم ظاهر خصّ بالإضافة
إلى سائر المضمرات التي تقع في محل جرّ. فذلك باطل أيضا، لأنه لو كان كذلك لما اقتصر
على لفظ واحد و لا على نوع واحد من الإعراب و هو النّصب، و باقتصاره على النّصب
دلّ على أنه ضمير، إذ لا يعرف اسم ظاهر اقتصر على ضرب واحد من الإعراب إلا ما
اقتصر فيه على الظّرفيّة، مثل: «ذات مرة، و بعيدات، و بين» و على المصدريّة، مثل: «سبحان، و معاذ» و ليس «إيا» ظرفا
و لا مصدرا فيلحق بهذه الأسماء.
6- و حكي عن الخليل أنّ العرب قالوا بإضافته إلى
الظّاهر في مثل: «إذا بلغ الرّجل السّتين فإيّاه و إيّا
الشّواب». فقد ذكر سيبويه في «الكتاب» أنه
لم يسمع ذلك من الخليل إنّما قال: حدّثني من لا أتهم عن الخليل أنه سمع أعرابيا
يقول: «إذا بلغ الرجل السّتّين فإياه و إيّا
الشّواب» و هي رواية شاذّة لا يعتدّ بها، و كأنه لما رأى آخره يتغيّر كتغيّر
المضاف و المضاف إليه أجراه مجراه.
7- ثم إنّ هذه الرّواية هي حجّة على من يزعم أنه
اسم ظاهر خصّ بالإضافة إلى سائر المضمرات التي تقع في محل جرّ، و هو ما ذهب إليه
الزّجاج، فما ذهب إليه باطل، لأن «إيّا» أضيف
إلى الظّاهر و هو «الشّواب». و الذّي يدلّ على أنه ليس
باسم ظاهر أنّه لو كان كذلك لجاز أن يقال: «ضربت إيّاك»، كما يقال: ضربت زيدا فلما لم يجز ذلك دلّ على أنه ليس باسم
مظهر. و أما قول الشاعر:
بالباعث
الوارث الأموات قد ضمنت
إيّاهم
الأرض في دهر الدّهارير
ففيه «إيّا» ضمير
منفصل عن الفعل للضّرورة الشعريّة و القياس هو القول: ضمنتهم الأرض.
و مثل ذلك قول الشاعر:
أتتك
عنس تقطع الأراكا
إليك
حتى بلغت إياكا
و فيه جاء الضّمير منفصلا للضّرورة
الشّعرية أيضا و القياس القول: بلغتك، و يقول الزّجاج إن «إيّاك» ليست
مفعولا به إنّما هي توكيد لضمير متّصل محذوف يقع مفعولا به لبلغت، و التقدير:
بلغتك إيّاك و ما هذا إلا للتخلص
من ضرورة و الوقوع بضرورة أخرى، لأن حذف المؤكّد و بقاء التّوكيد مما لا يجوز.
إيّاك
اصطلاحا: ضمير منفصل يقع مفعولا به لفعل
محذوف تقديره: احذر. فلا تقول: «إيّاك أن تفعل» قال ابن برّي: الممتنع عند النّحويّين:
«إياك الأسد» فلا بدّ في مثله من الواو، فأمّا «إيّاك أن تفعل» فجائز على أن تجعله مفعولا لأجله أي:
«مخافة أن تفعل»، و عند اللّغويين لا بدّ في مثل هذا من الواو و العلة في
ذلك: أن لكل من «إيّاك»
اسم الکتاب : المعجم المفصل في النحو العربي المؤلف : عزیزه فوال بابتی الجزء : 1 صفحة : 284