[3]ذهب قوم من الحكماء الى أن التّعقل إنّما
يحصل باتحاد المعقول بالعاقل، و كان اوّل من صنّف في هذا المجال كتابا فرفريوس،
أشار الى ذلك ابن سينا في اشاراته، و لكنه لم يرتض ذلك الكتاب لانه لم يؤمن
بالاتحاد، فقد قال في الشفاء: و ما يقال من أن ذات النفس تصير هي من المعقولات،
فهو من جملة ما يستحيل عندي.
و لكن ابن سينا عدل عن رأيه هذا، في كتاب
«المبدأ و المعاد» فقد صرّح هناك عند بيانه أن واجب الوجود عاقل: بأنّ التّعقل
إنما يكون باتحاد العاقل بالصورة المعقولة.
و بالجملة فللاتحاد معنيان:
أحدهما: ان يتّحد شيئان مع احتفاط كل واحد
منهما بخصوصياته الفرديّة و صفاته الخاصة، و هذا محال و غير متعقّل فلا يحصل بين
الشيئين اتّحاد أصلا كما مر في الهامش (1) ص 128.
و ثانيهما: أن يحصل ارتباط بين شيئين بحيث
يتحدان و يرتبط أحدهما بالآخر ارتباطا وثيقا كارتباط البرعم بالشجرة- في عملية
التطعيم-.
و مثل هذا الربط كما هو ممكن في الامور
المادية، هو ممكن في المجردات.
هذا و قد حمل صدر المتألهين كلام من نفى إمكان
الاتحاد على المعنى الاول للاتحاد، و كلام من قال بامكان الاتحاد على المعنى
الثاني و بهذا يوفق بين الرأيين. (شرح الشعراني ص 318 بتصرّف)
[4]في بعض النسخ المطبوعة زيادة ما يلي:
باجتماع الصورتين المتماثلتين.