ان العقل يمكنه التوصل الى لزوم شكر المنعم
فقط، و اما كيفيّة شكره فهو يتوقف على معرفة المنعم و ما يحب و ما يكره حتى يمكن
السير وفق مراده، و ذلك لا يمكن الا بان يعرفنا ذلك بواسطة انبياء يصطفيهم لابلاغ
رسالته الى الناس.
و لم يطلب الله من الناس ما يخالف عقولهم
اصلا، كيف و حكم الشرع يلازمه حكم العقل.
بل غاية الأمر انه طلب منهم ما تعجز عقولهم عن
درك كنهه و علّته، و اين هذا من مخالفة العقل له؟.
و قال- أيضا-: قد دلّ العقل على أن للعالم
صانعا حكيما و الحكيم لا يتعبّد الخلق بما يقبح في عقولهم، و قد ورد عن أصحاب
الشرائع مستقبحات من حيث العقل، من التوجّه الى بيت مخصوص في العبادة، و الطواف
حوله، و السعي، و رمي الجمار، و الاحرام، و التلبية، و تقبيل الحجر الأصمّ، و كذلك
ذبح الحيوان، و تحريم ما يمكن أن يكون غذاء للانسان و تحليل ما ينقص من بنيته، و
غير ذلك، و كل هذه الأمور مخالفة لقضايا العقول.
و الجواب عنه:
ان العقل لم يحكم بقبح ما جاء به الأنبياء و
ما مثل به البراهمة غير مخالف للعقل، فان العقل و ان لم يتمكن من معرفة حقائق و
اسرار تلك العبادات، و لكن يدرك انها مطابقة للمصالح الواقعية، فانه بعد ان ادرك
ان الله سبحانه و تعالى حكيم و لا يفعل العبث، فكل ما يصدر منه تعالى هو وفق
الحكمة