اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 65
أحدهما: لو صحّ ما ذكرتموه لزم أن لا تكون الماهيّة علّة قابلة
للوجود، لوجوب تقدّم العلّة بالوجود[1] و اللازم باطل.
و الجواب: إنّه إن أريد بقوله: «الماهيّة الممكنة قابلة للوجود»،
أنّها كذلك في العقل، فلا نسلّم أنّها ليست بمتقدّمة، بل هي متقدّمة بالوجود
العقلي، ضرورة أنّ الماهيّة تتحقّق في العقل[2] أوّلا ثمّ يعتبر الوجود الخارجي لها و إن أريد أنّها قابلة للوجود
في الخارج فلا نسلّم ذلك، و إنّما تكون قابلة في الخارج لو كان للماهيّة وجود و
للوجود وجود منفرد- كما في اتّصاف الجسم بالبياض، و هو ممنوع.
هذا غاية توجيه الكلام في هذا المقام.
الثاني: النقض بما ذكره الشيخ: «إنّ ماهيّة الشيء يجوز أن
يكون علّة لصفتها»، فإنّ تلك الماهيّة لا يجوز أن تكون متقدّمة على تلك الصفة
بالوجود، و إلّا لم تكن العلّة نفس الماهيّة فقط، بل الماهيّة الموجودة[3]، لكنّه جعل العلّة نفس
الماهيّة.
فإن قلت: إذا لم تكن العلّة الماهيّة مع الوجود و كلّ ما لا يكون مع
الوجود كان معدوما يلزم أن تكون الماهيّة مؤثّرة في[4] حال عدمها.
فنقول: لا يلزم من عدم اعتبار الوجود في العلّية اعتبار العدم، بل
العلّة الماهيّة من حيث هي هي. فقوله: «و لا يلزم من ذلك كونها معدومة»، إشارة إلى هذا السؤال و الجواب.
و أجاب: بأنّ المراد من علّية الماهيّة من حيث هي ليس أنّ الوجود لا
دخل له في علّتها، بل المراد أنّ الماهيّة علّة في الوجودين: العقلي و الخارجي
فلا يعتبر في علّيتها أحد الوجودين على التعيين كالانقسام بمتساويين للزوجية، فإنّ
الزوجية تقتضيه[5] سواء في العقل أو[6] في
الخارج، فلا يعتبر في ذلك الاقتضاء[7] أحدهما.
مع أنّا نعلم بالضرورة أنّها ما لم يتحقّق في العقل أو في الخارج يستحيل اقتضائها
له فالماهيّة تقتضي شيئا تارة بشرط/ 8SA / الوجود الخارجي، و أخرى بشرط الوجود العقلي[8]، و أخرى لا بشرط أحدهما، بل
مع[9] كلّ منهما، و هو اقتضاء الماهيّة.