اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 46
غيره[1] لزم ترجّح أحد المتساويين على الآخر لا لمرجّح، و إنّه محال في
بداية/ 4SB /
العقول، فلا استدراك في الأوّل لأنّه أشار[2] إلى امتناع استغنائه في وجوده[3] عن[4] الغير و بيّنه بقوله: «فإنّه ليس وجوده من ذاته أولى من عدمه»، فإنّه إشارة[5] إلى استحالة الترجّح بلا مرجّح[6]. و لا افتقار في الثاني إلى البرهان لأنّه بديهي الاستحالة.
و في هذا التوجيه تعسّف ظاهر[7] فإنّه إن عنى بذلك أنّ
مفهوم قوله: «ليس يصير موجودا من ذاته» هو مفهوم امتناع عدم احتياجه في وجوده إلى
الغير، فهو بيّن البطلان، ضرورة اعتبار الغير في المفهوم الثاني و عدم اعتباره في
المفهوم الأوّل، و إن عنى به أنّ الأوّل مستلزم للثاني فالسؤال عائد، لأنّ في
إيراد الملزوم استدراكا كما كان [15]. و كذا الكلام في قوله: «أشار بقوله: فإنّه ليس وجوده من
ذاته أولى من عدمه»، فإنّه إشارة[8] إلى
استحالة الترجّح بلا مرجّح فإنّ معنى ذلك القول ليس إلّا أنّ ذات الممكن لا يقتضي
وجوده و لا[9] عدمه، و هذا لا يدلّ على استحالة الترجّح بلا مرجّح. و هو بيّن لا
سترة به.
و الأولى أن يقال: القضية لمّا كانت بديهية و كان فيها خفاء ما أراد
إزالة الخفاء بتصوير الممكن، فلهذا أورد مفهومه و حمله عليه إيضاحا.
[195/
1- 20/ 3] قوله: و تقرير الكلام بعد ثبوت احتياج الممكن إلى الغير.
أي: لمّا ثبت أنّ كلّ ممكن محتاج إلى الغير في وجوده فذلك الغير إن
كان ممكنا فهو يحتاج[10] إلى شيء آخر فإمّا أن ينتهي إلى الواجب، أو يدور الاحتياج، أو
يتسلسل. و ذلك لأنّه إن انتهى إلى الواجب فذاك و إلّا فإن كانت السلسلة متناهية
يلزم الدور، و إن كانت غير متناهية يلزم التسلسل[11]، فأجزاء الانفصال لا بدّ أن
يكون ثلاثة لكن الشيخ اقتصر على واحد منها بقوله: «إمّا أن يتسلسل ذلك إلى غير
النهاية». و حذف[12] الجزءين الآخرين أمّا الأوّل: فلأنّه نفس المطلوب، و أمّا الثاني:
فلأنّه بيّن البطلان، و بسبب آخر