اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 41
نتعقّل الماهيّة العقلية بل المعقول هو[1] الماهيّة الخارجية، فلا توجد في العقل إلّا بعد تحقّق أجزائها، و ذلك
بيّن لا سترة به. فتصوّر[2] الأجزاء
الخارجية ينساق إلى صورة[3] الماهيّة
المركّبة، و لهذا لم يجب أن يكون التحديد[4] بالجنس و الفصل، و لا بالأجزاء[5] المحمولة.
لمّا حصر علل[6] الوجود
في قسمين: الفاعل و الغاية أراد البحث عنهما. فلا ريب أنّ العلّة الموجدة للمركّب
الخارجي علّة لبعض أجزائه، فإنّه لو وقع كلّ واحد من أجزائه بدون تلك العلّة لم
يحتج مجموع أجزائه أعني: ذلك المركّب إليها، و قد فرضناه كذلك هذا خلف! ثمّ لا
بدّ و[7] أن تكون علّة للصورة، لأنّها جزء أخير للمركّب و إذا حصلت[8] حصل المركّب في الخارج، فلو لم توجد الصورة كانت تلك الماهيّة غير
حاصلة منها بل من علّة أخرى موجدة[9] للصورة
و حينئذ إمّا أن توجد[10] المادّة أيضا أو لا. و أيّا ما كان فالجامع بين المادّة و الصورة تلك
العلّة، و لذلك كانت علّة للمركّب، و هذا هو المراد بقوله:
«و[11] هي علّة الجمع[12] بينهما».
فلا[13] يعترض بأنّ الجمع أمر اعتباري لا يحتاج إلى العلّة، فإنّه لا يلزم من
كون العلّة جامعة أن يكون الجمع أمرا موجودا في الخارج.
العلّة الغائية لها ماهيّة و وجود، فهي بحسب ماهيّتها علّة لفاعلية
الفاعل، و[14] بحسب وجودها معلولة للفاعل إن كانت من الغايات الحادثة أمّا الأوّل
فلأنّ الفاعل إنّما يفعل الفعل المعيّن لغاية و غرض، فلو لا تلك الغاية لبقي فاعلا
بالقوّة، فصيرورته فاعلا بالفعل