اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 406
و على كون الشيء صفة كمال أو صفة نقصان و على كون الفعل موجبا
للثواب و العقاب و المدح و الذّم.
و لا نزاع في الأوّلين، إنّما النزاع في المعنى الأخير فيتّجه أن
يقال: اللّه- تعالى- كامل بالذات خيّر بالذات. فكيف يوجد منه الشرّ و الناقص؟!
[38] و إليه أشار بقوله: «إنّما يبحثون عن كيفية صدور الشرّ عما هو خيّر بالذات».
و لا خفاء في أنّ اندفاع الشبهة يتوقّف على المعنيين جميعا [39]، و
إنّما اقتصر على المنع الثاني تعويلا على ما سبق منه في تحقيق الاختيار.
ثمّ قال: «يجب أن يتصوّر[1] الخير
و الشرّ في هذه المسألة ثمّ يبحث عنهما»، و المشهور في ما بين الفلاسفة أنّ الخير
هو الوجود و الشرّ هو العدم. و ربّما استدلّوا عليه ببعض الأمثلة، كما قالوا: إنّا
نحكم بأنّ القتل[2] شرّ و إذا تصوّرنا ما[3] فيه
من الأمور الوجودية و العدمية وجدنا الشرّ من العدميات، فإنّا إذا نظرنا إلى[4] كون السكّين قاطعا[5] فهو
خير لأن كمال السكّين أن يكون كذلك، و إذا نظرنا إلى كون العضو قابلا للقطع كان
ذلك أيضا خيرا لأنّه لو كان جاسيا لا يتأثّر عن السكّين كان ذلك شرّا. و أمّا إذا
نظرنا إلى فوت[6] حياة المقتول و إلى تفرّق اتّصال بدنه وجدناه شرّا فعلمنا[7] أنّ الوجود هو الخير و العدم هو الشرّ.
و هذا الاستدلال ليس بجيّد، لأنّهم إن أرادوا بقولهم: «الخير وجود و الشرّ عدم» تفسير
لفظ الخير بالوجود[8] و لفظ العدم بالشرّ[9]، فلا حاجة لهم في ذلك إلى[10] الاستدلال، لأنّ لكلّ أحد أن يفسّر أيّ لفظ شاء بأيّ معنى شاء و إن
أرادوا التصديق بذلك فهو إنّما يتأتّى بعد تصوير معنى الخير و الشرّ، و الكلام الآن
فيه.
و بتقدير النزول[11] عن
هذا المقام فهو مجرّد تمثيل، و إنّه[12] لا
يفيد اليقين.
و الجواب: إنّ المراد تصوير الخير و الشرّ و التمثيل ليس
بالاستدلال، بل تعيّن