اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 367
و اعلم! أنّ ما ذكرنا من تقرير الاستدلال هاهنا هو ما ذكره الإمام. و
زاد الشارح في الاستدلال تجرّد النفس عن المادّة فى كمالاتها الذاتية أي: الكمالات
العارضة لذاتها كالصور المعقولة- و ذلك مع كونه غير منطبق على المتن مستدرك في
الاستدلال [2]، فإنّ المطلوب ليس إلّا[1] بقاؤها
بعد الموت و تجرّدها في ذاتها كاف في ذلك. و كذلك قوله: «أشار بقوله: الّتي هي موضوع ما
للصور المعقولة إلي كمالاتها الذاتية الباقية معها»، فإنّ الحكم المذكور[2] ليس إلّا عدم انطباعها في الجسم، فذكر ذلك الوصف ليس إلّا إيماء إلي
سبب هذا[3] الحكم. و كذا قوله: «على وجه لا يلزم احتياجها في وجودها و كمالاتها المذكورة إلي الجسم»،
فإنّ عدم الاحتياج في الكمالات إليه غير مفهوم من كونها ذات آلة في الجسم، و هو
ظاهر.
ذكر في النمط الثالث أنّ النفس حافظة للمزاج و المزاج كيفية متشابهة
في الجسم، فحفظ المزاج إنّما يتمّ بسبب الجسم، فيكون الجسم أيضا حافظا و لكن
بالعرض. و أيضا فساد المزاج إنّما يعرض من جهة اختلال حال الجسم، فاستقامة حال
الجسم حفظ ما للمزاج، و هذا هو الّذي ذكره الشارح.
[57/
2- 266/ 3] قوله: تبصرة.
التبصرة جعل الأعمى[4] بصيرا،
كما أنّ التنبيه جعل النائم يقظانا. و إنّما عبّر عن هذا الفصل بالتبصرة[5]، إشارة إلي أنّ البحث
المورد فيه أوضح من الأبحاث في[6] التنبيهات،
لأنّ[7] ما ينسب الغافل عنه[8] إلي
العمى يكون أوضح لا محالة ممّا ينسب الغافل عنه إلي النوم. و إنّما كان هذا البحث
أوضح من البحث التنبيهي لأنّه بيان حال ذاته و هو بيان حال غيره، و لا شبهة أنّ
حال ذاته[9] أقرب و أوضح بالنسبة إليه من حال غيره.