اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 313
و قوله: «فضلا و شرفا» متعلّق[1] بقوله:
«كفى للشيخ». ثمّ ذكر أنّ الإمكان و الوجوب و الوجود و غيرها من التعلّقين
لا يصلح للعلّية.
أمّا أوّلا: فلأنّ الإمكان و الوجوب[2] عدميان، و المعدوم يستحيل أن يكون علّة للموجود.
أمّا ثانيا: فلأنّ الإمكان معنى واحد مشترك بين الإمكانات، كما أنّ
الوجود[3] معنى واحد مشترك بين الوجودات[4]، فلو كان الإمكان علّة
للشيء كان كلّ إمكان يصلح أن يكون علّة، فاذا[5] كان إمكان العقل الأوّل علّة للفلك فليكن إمكان ذلك الفلك علّة
لنفسه، فيكون ذلك الفلك موجودا لذاته فلا يكون ممكنا و كذلك في الوجود و الوجوب.
و أمّا ثالثا: فلأنّ العلم عندهم صورة مساوية للمعلوم، فيكون علم
العقل بنفسه و علم معلوله به متساويين. فاستحال أن يكون علم العقل[6] علّة لفلك و علم معلوله علّة لعقل، لاستحالة[7] اختلاف الأمور المتساوية في اللوازم. و إليه أشار بقوله: «و ما يجري مجراه».
و أمّا رابعا: فلأنّ علم الشيء بنفسه و بغيره زائد على ذاته، فعلّته
إن كان هو المبدأ الأوّل فقد صدر عنه شيئان، و إن كان هو العقل الأوّل كان فاعلا
قابلا، و إن كان غيره فهو معلوله.
و أجاب الشارح عن الأوّل: بأنّا لم نقل: «الإمكان و الوجوب علّتان»، بل من
شرائط العلّة، و العدمي صالح لذلك و عن الثاني: بأنّ اشتراك إمكان الوجود و وجوب
الوجود ليس على التساوي، بل على التشكيك كما في الوجود. و الجواب الأوّل أيضا وارد
هاهنا، فإنّ تساوي الآثار إنّما يلزم[8] لو
كان العلّة هو[9] الإمكان، و ليس كذلك، بل المبدأ العقل الأوّل بشرطه.
و الجواب عن الأخيرين: أنّ علم الشيء بنفسه ليس بزائد كما مرّ، و
علمه بغيره من المبدأ الأوّل بواسطته.