اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 311
وجوه مختلفة. فقوله: «فيجب أن يكون الأجرام السماوية» لا يريد به الوجوب في نفس الامر بل بحسب
الظنّ.
و قال الإمام معترضا: لم لا يجوز أن يصدر في أوّل الأمر عقول كثيرة،
ثمّ يكون عقل و فلك ثمّ بعده عقول آخر كثيرة، ثمّ عقل آخر و فلك آخر[1] ... و هكذا؟ فلا يلزم أن يكون الأفلاك متساوية للعقول.
و هذا اعتراض على ما لم يزعمه الشيخ أصلا بل ربّما يصرّح[2] بخلاف ذلك. و إليه الإشارة[3] بقوله: «و يظهر من ذلك أنّ اعتراض الفاضل الشارح ... إلى قوله: سخيف». و كذلك
حكمه بأنّ الجواهر العقلي و الجرم السماوي أوّل كثرة وجب صدورها عن المبدأ الأوّل،
لأنّ وجوب صدور السماويات مع استمرار صدور العقول و إن اقتضى وجوب صدور تلك الكثرة
ليس بدالّ على أنّها أوّل كثرة. لجواز صدور عقول كثيرة أوّلا غير مترتّبة على ما
سيصوّره الشارح ثمّ يترتب عقول و يصدر السماويات مع استمرارها. فهو أيضا بناء على
الأنسب.
لمّا كان المذهب المنسوب إلى القوم أنّ الماهيّة ليست مجعولة بل المجعول
الوجود، فالوجود هو الصادر بالحقيقة، و أمّا الماهيّة فتحقّقها في الخارج بواسطة
الوجود، فهي مفعولة بالعرض و المفعول الحقيقي هو الوجود. فإذا صدر من المبدأ شيء
له هوية أي:
ماهية لكن الصادر عنه هو الوجود بناء على أنّ المهيات[5] غير مجعولة و هو مغاير للماهيّة، و إليه أشار بقوله: «و مفهوم كونه صادرا عن
المبدأ الأوّل[6]» ... إلى آخر. فالوجود و الماهيّة مفعولان،
أحدهما و هو الوجود بالذات، و الآخر بالعرض.
و هذا الكلام من الشارح تصريح بأنّ في الخارج أمرين: ماهية و وجود
[73]، و قد صرّح في النمط الرابع بخلافه! و قد حقّقناه.