اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 308
صور الأجسام صنفان: صور[1] حالّة
فيها، و صور[2] غير حالّة فيها[3] بل هي صور كمالية لها.
أمّا الصّور المادّة فلمّا كان قوامها بالمادّة كان فعلها بواسطة المادّة بل
بواسطة الجسم، لأنّ الكلام في الصور النوعية و هي تقوم[4] بالجسم، فيكون فعلها بمشاركة الوضع. و الوضع هاهنا بمعنى المقولة،
أي: يتوقّف فعلها في غيرها على أن يكون لجسمها وضع مخصوص بالنسبة إلى الغير من
مماسّة، أو مجاورة[5]، أو مقابلة، أو غير ذلك.
و لمّا كانت هذه المقدّمة بديهية نبّه عليها باستقرار الأجسام و
تأثيراتها [71]، فإنّ النار الّتي في المشرق[6] لا تؤثّر في الماء الّذي في المغرب[7] بل فيما يجاورها[8] و كذا الشمس لا تضيء كلّ
شيء، بل ما يقابلها[9]. و أمّا الصور الكمالية فلمّا لم تحتج إلى الجسم في وجودها فلو كانت
غير محتاجة في فعلها أيضا إليه كانت عقلا، لا نفسا. فيكون فعلها أيضا بمشاركة
الوضع.
و أمّا المقدّمة الثالثة: فهي إنّ صورة الجسم لا يفعل فيما لا وضع له
بالقياس إلى جسمها، و إلّا لم يكن فعلها بحسب الوضع. ضرورة أنّه إذا لم يكن لغيرها[10] وضع بالقياس إلى جسمها لم يكن لجسمها وضع بالقياس إليه، و هذا معنى
قوله: «و لا توسّط للجسم بين الشيء و بين ما ليس بجسم». أي: يستحيل أن يكون
الجسم متوسّطا بين الشيء و هو الصورة و بين ما ليس بجسم[11] و هو ما لا وضع له.
و أمّا[12] الرابعة: فهي إنّ علّة الجسم علّة لجزئيه.
لا يقال: لا نسلّم[13] أن
يكون علّة لجزئية بل يجب أن يكون علّة للصورة فقط كما مرّ في النمط الرابع لأنّا
نقول: ثبت في النمط الأوّل أنّ الصورة علّة للهيولى، فتكون علّة الصورة علّة لهما
جميعا على أنّ علّية أحدهما كافية في الاستدلال.