اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 306
و عندي أنّ نظر الإمام ليس بوارد، لأنّه بالتحقيق كلام على سند
المنع. فإنّ جواب الشيخ ليس إلّا انّا نسلّم أنّ ما مع علّة المحويّ يجب أن يكون
متقدّمة، و إنّما يلزم تقدّمه لو كان تقدّم العلّة على المحويّ بالزمان و ليس
كذلك، بل بالذات. و التقدّم الذاتي لعلّة المحويّ إنّما هو من جهة العلّية فلا
يلزم أن يكون ما ليس بعلّة متقدّما بالذات. و إن كان مع العلّة[1] فالقول بأنّه لم لا يجوز أن يتقدّم ما مع العلّة بالطبع؟ قول خارج عن
سنن التوجيه قطعا.
و هذا السؤال أورد في فصل آخر بعبارة أخرى، و هي أن يقال: وجوب
الحاوي مع[2] وجوب علّة المحويّ، و إمكان المحويّ مع وجوب علّة الحاوي[3]. فيكون إمكان المحويّ مع وجوب الحاوي، و يلزم المحذور المذكور.
و الجواب: إنّ إمكان المحويّ إنّما يكون مع وجوب علّته للعلّية. و
أمّا وجوب الحاوي فلمّا لم يكن علّة لم يلزم أن يكون معه إمكان المحويّ. و قوله: «ليس كلّ ما هو بعد مع» فهو[4] جواب سؤال لما قال: المحويّ إنّما هو ممكن بالقياس إلى علّته [69] و
لا يلزم منه إمكان الخلأ، و إنّما يلزم لو كان للحاوي سبق على المحويّ.
فكأنّ سائلا قال: وجود المحويّ بعد علّته، و علّته مع وجود الحاوي، و
ما هو بعد مع بعد فيكون وجود المحويّ بعد وجود الحاوي، فيلزم إمكان الخلأ.
و جوابه ظاهر.
[41/
2- 236/ 3] قوله: و لعلّك تقول: انّ الحاوي و المحويّ.
تحريره: إنّ الخلأ ليس بممتنع[5] الوجود. فإنّ الحاوي و المحويّ[6] ممكنان، فيكون كونهما في مكانيهما ممكنا، فخلوّ مكانيهما[7] غير واجب و هو المطلوب.
فيقال: لا نسلّم أنّه يلزم من إمكان عدمهما[8] إمكان الخلأ، فإنّهما إذا عدما لم يكن خلأ أيضا. لأنّه لا مكان هناك
حتّى يكون باعتباره[9] خلأ أو ملأ. فإمكان الخلأ غير لازم من