اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 300
المحويّ محدّدا لمكانه. فمتى عدم الخلأ يلزم وجود المحويّ و متى وجد
المحويّ يلزم عدم الخلأ قطعا. أمّا إذا لم يكن الحاوي علّة فعدم الخلأ لا يستلزم
وجود المحويّ، لجواز أن يكون الحاوي و المحويّ معدومين، فيكون الخلأ أيضا معدوما، لأنّ
الخلأ لا يتعرّض بعدم[1] المحويّ
مطلقا، بل إنّما يتعرّض بعدم المحويّ من حيث أنّه محويّ و ملأ بأنّ وجود المحويّ
لا يستلزم عدم الخلأ إلّا من حيث أنّه متحدّد بسطح الحاوي كما سبق بيانه.
فنبّه بقوله: «لأنّ ذلك الغير الّذي يفيد وجود المحوىّ ... إلى آخر» على المقدّمتين:
أمّا على المقدّمة الأولى و هي إنّ التلازم على تقدير العلّية بمنطوق[2] هذا الكلام و أمّا على المقدّمة الثانية- و هي أن لا تلازم على
تقدير عدم العلّية فبمفهوم الحصر في قوله: «هو الّذي جعل». و معنى الكلام
أنّ الحاوي الّذي فرض علّة للمحويّ هو الّذي جعل المحويّ بحيث يكون معه عدم الخلأ،
لما ذكر من أنّ[3] معنى عدم الخلأ عدم المتصوّر من الخلأ و متصوّر الخلأ لا يكون إلّا
بحسب اعتبار الحاوي. فما لم يكن للحاوى تحقّق لم يكن لعدم الخلأ مع المحويّ
اعتبار، ثم قال: «و لذلك حكم بامتناع إفادته للمحويّ»، أي: لمّا كان عدم الخلأ مع وجود
المحويّ على تقدير علّية الحاوي امتنع أن يكون الحاوي علّة، لأنّ المحويّ حينئذ
يكون ممكنا مع الحاوي، فيلزم إمكان الخلأ.
و عند هذا تمّ الجواب. لأنّ الجواب[4] إنّما يتمّ بثلاث مقدّمات: المقدّمتان المنبّه عليهما و المقدّمة
الثالثة: إنّ المحويّ على ذلك التقدير ممتنع. و قد نبّه عليها بقوله: «و لذلك حكم بامتناع إفادته[5]»، لأنّه متى امتنع أن يكون
الحاوي علّة للمحويّ امتنع وجود المحويّ مع كونه معلولا للحاوي، ثمّ صرح بهذا في
قوله: «الحاصل».
و إنّما وجّهناه كذلك لأنّه لو أجرى على ظاهره لكان قوله: «و لذلك حكم» مع قوله: «و الحاصل» لا حاصل له! لأنّه
يكفى في الجواب[6] أن يقال: الغير الّذي يفيد وجود المحويّ هو الّذي يفيد معيّة عدم
الخلأ. و المحويّ إنّما يكون واجبا بغيره[7] إذا لم يكن معلولا للحاوى.