اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 223
وقت الوقوع على وقوعه في وقت عدم الوقوع.
(47).
هذا كلام مشهور بين الأصحاب و ليس فيه تحقيق لأنّ الترجّح بلا مرجّح
مستلزم للترجيح بلا مرجّح. إذ مع الإرادة إن وجب صدور المعلول فامتنع التخلّف، و
إلّا فرضنا وقوعه معه تارة و عدم وقوعه أخرى فإن وقع بمجرّدها لزم ترجّح أحد
المتساويين و هو وقوعه في هذا الوقت على وقوعه في وقت آخر، و إلّا لم يكن تامّا ما
فرضناه تامّا! أقول: الصواب أن يلتزم التسلسل على سبيل التعاقب و يقال: يحتمل أن
يكون هناك حوادث متسلسلة متعاقبة، فلا يلزم قدم شخص غير الواجب و الإجماع إنّما
ينعقد على فساد القول بشخص قديم غير الواجب و صفاته.
و لو سلّم أنّ الإجماع منعقد على بطلان القول بالموجود القديم غير
الواجب و صفاته مطلقا، فنقول: اتّصاف النوع بالقدم و الحدوث إنّما هو باعتبار
الوجود، و النوع لا يوجد إلّا بوجود الاشخاص، و جميع الوجودات في الفرض المذكور
حادث فلا يلزم وجود قديم غيره- تعالى- و ما يقال: إنّ النوع قديم بتعاقب الأشخاص،
فكلام مجازي معناه: إنّ قبل كلّ شخص شخص لا إلى نهاية. و لو سلّم أنّه يلزم حينئذ قدم
النوع فإنّما يلزم على رأي من يقول بوجود الطبائع في الأعيان بنفسها، و لعلّها غير
موجودة فيها كما هو رأي المتأخّرين، و اختاره صاحب المحاكمات.
و لو سلّم وجود الطبائع فيها فنقول: إنّما يسلّم ذلك في الذاتيات
الموجودة بوجود ما هي ذاتيات له كما أفاده بعض المحقّقين و يجوز أن تكون تلك
الأشخاص غير مشتركة في ذاتي.
و مع تجويز تلك الاحتمالات كلّا أو بعضا لا حاجة إلى التزام تجويز
التخلّف عن الفاعل المختار و تجويز الترجيح من غير مرجّح.
مع أنّ الأوّل خلاف ما برهن عليه الشيخ آنفا، و الثاني مستلزم
للترجيح بلا مرجّح. و هو محال بالضرورة، و تجويزه يفضي إلى انسداد باب إثبات
الصانع- تعالى عن ذلك! (48). الصواب حمل التقوّم على ما يتناول النفسية، ليصحّ
الحصر.
(49).
فإن قلت: المسلّم أنّ تلك الخصوصية لم تتحقّق بالنسبة إلى ما ليس
بمعلول أصلا،
اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 223