اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 193
أي[1]: لا بدّ من تجويز تخلّف المعلول عن العلّة التامّة. فإنّا إن لم نجوّز
ذلك لزم[2] القول بحوادث لا إلى نهاية[3]. لأنّ واجب الوجود على ذلك التقدير لا يجوز أن يكون علّة تامّة لحادث
ما، و إلّا لزم قدمه. فصدور الحادث عنه يتوقّف على حادث آخر، و هلمّ جرّا! و تقرير
الوجه الأوّل: أنّه لو وجد الحوادث لا إلى أوّل فإمّا أن يكون لها كلّية حاصرة أي:
إمّا أن يكون كلّ الحوادث موجودا أو لا يكون كلّها و[4] مجموعها موجودا. و الأوّل باطل، لاستحالة انحصار غير المتناهي و كذا
الثاني، لأنّ كلّ واحد منها موجود، فيكون الكلّ موجودا. و على محاذاة ما في الكتاب
إنّه لو وجد الحوادث لا إلى أوّل يكون كلّ واحد منها موجودا، فيكون الكلّ موجودا.
فيلزم أن يكون لما[5] لا نهاية له كلّية حاصرة في الوجود، و هو محال. و على هذا[6] يكون قوله: «و إن لم يكن لها كلّية[7] حاصرة
لأجزائها معا فإنّها في حكم ذلك»، مستدركا[8] لا حاجة إليه أصلا[9]!
[239/ 1- 132/ 3] قوله: لأنّ ذلك يقتضي
قدم الفعل.
الحكماء يستدلّون على قدم فعل اللّه- تعالى- بوجهين[10]:
الأوّل: من حيث الفاعل. و تقريره: إنّ الواجب لذاته واجب في جميع
صفاته الأوّلية، و كلّ ما يحتاج[11] إليه
في التأثير حاصل لذاته، و قد ثبت أنّ المعلول لا يتخلّف عن العلّة التامّة فيلزم
قدم الفعل. و التقييد بالأوّلية لخروج الصفات الإضافية./ 22SB /
و الثاني: من حيث الفعل. و تحريره: إنّه لا يجوز أن يكون فعله-
تعالى- معدوما ثمّ يوجد، إذ العدم الصريح لا تميّز فيه[12] حتّى يكون فيه إمساك الفاعل عن إيجاده[13] أولى في بعض الأحوال من إيجاده في بعض[14]، أو حتّى يكون لا صدوره عن
الفاعل أولى في بعض الأحوال من صدوره في بعض، بل[15] لو كان صدوره واجبا لكان في جميع الأحوال،