اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 180
يجامع المتقدّم في الوجود، أو لا يجامعه. فإن لم يجامعه فهو المتأخّر
بالزمان و إن جامعه فإمّا أن يكون بينه و بين المتقدّم ترتيب باعتبار المعتبر و
أخذ الآخذ، أو لا يكون كذلك.
فإن كان بحسب الاعتبار فهو المتأخّر[1] بالرتبة أو المتأخّر[2] بالوضع.
و هو إمّا بحسب المكان كما في صفوف المجلس، أو غيره كالأجناس مع
الأنواع إذا[3] أخذنا من طرف النوع أو أخذنا من طرف الجنس[4]. و إن لم يكن بحسب اعتبار الترتيب فالمتأخّر[5] إمّا أن لا يحتاج إلى المتقدّم[6] و هو التأخّر بالشرف، أو يحتاج و هو التأخّر بالذات.
فإمّا أن يكون المتقدّم علّة تامّة للمتأخّر و هو التأخّر[7] بالعلّية، أو لا و هو التأخّر بالطبع.
و ربّما يقال للمعنى المشترك «التأخّر[8] بالطبع» و يخصّ التأخّر بالمعلولية باسم «التأخّر بالذات»، فيكون كلّ من
التأخّر بالطبع و التأخّر بالذات[9] مقولا
بالاشتراك على معنيين: عامّ و خاصّ. و المتقدّم و المتأخّر بالعلّية متلازمان
وجودا و عدما، إلّا أنّ المعلول[10] فيهما
تابع للعلّة، و المتأخّر بالطبع يستلزم المتقدّم في الوجود من غير انعكاس.
هذا[11] ما ذكره الشارح. و عندي أنّ العلّة التامّة ليست معتبرة في التأخّر
بالعلّية، بل المعتبر هو العلّة الفاعلية. يدلّ عليه قول الشيخ في بيانه: «إذا كان وجود[12] هذا عن آخر فإنّ ما وجود الغير عنه هو العلّة الفاعلية [42]»، و في مثاله كحركة[13] اليد
و حركة المفتاح، فإنّ حركة اليد ليست علّة تامّة لحركة المفتاح ضرورة توقّفها على
اليد و على العضلات و على المفتاح[14] و
غيرها، و حينئذ لا ينعكس المتقدّم[15] بالعلّية
على المتأخّر، كما في الطبع[16].
و قد أطلق اسم التأخّر بالذات في بيان حدوث الذاتي على التأخّر
بالطبع، حيث جعل ما بالذات أقدم بالذات[17] على ما بالغير.