اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 174
فإنّ قيل: الحادث قبل وجوده إمّا نفي محض، أو لا. و أيّا ما كان فما
ذكرتموه ساقط، أمّا إذا لم يكن نفيا محضا فظاهر، و أمّا إذا كان فلأنّه حينئذ يصحّ
الحكم عليه بكونه نفيا محضا.[1]
أجاب: بأنّ الحكم عليه بالنفي لضرورة اللفظ و ضيق العبارة، و أمّا في
التحقيق فقبل[2] وجود الحادث ليس هناك شيء أصلا[3]، فلا يصحّ الحكم عليه
ضرورة أنّ الحكم يستدعي محكوما[4] عليه،
و إذا لم يكن هناك محكوم عليه استحال قطعا.
ثمّ عارضه بأنّ الحادث قبل وجوده مقدور للقادر و متميّز عن العدم، فلا
يكون نفيا[5] محضا.
و عارض هذه المعارضة بأنّ الممتنع متميّز[6] عن الممكن، مع أنّه نفي محض. و هو نقض إجمالي سها الإمام في تسميته
معارضة.
و جوابه: إنّ الحكم[7] على
المعدومات إنّما لا يصحّ بالأمور الخارجية، و أمّا بالاعتبارات الذهنية كالإمكان و
الامتناع فصحيح و منشأ الخبط هاهنا[8] عدم
الفرق بين الخارجيات و الاعتباريات.
و نقول أيضا: إن أردتم بقولكم: «الحادث قبل وجوده[9] نفى محض و ليس بشيء» أنّه كذلك في العقل، فهو ممنوع و إن أردتم به
أنّه كذلك في الخارج، فمسلّم و لكن[10] لا
نسلّم أنّه لا يصحّ الحكم عليه بالإمكان حينئذ، و هو ظاهر.
ثمّ قال: لم قلتم بأنّ الإمكان أمر موجود؟[11] و ممّا يدلّ على أنّه ليس بموجود وجوه:
أحدها: أنّه لو كان موجودا لكان إمّا واجبا أو ممكنا، و هما باطلان.
و جوابه: إنّ إمكان الحادث أمر اعتباري في نفسه متعلّق بشيء خارجي.
فله اعتباران:
أحدهما: من حيث إنّه متعلّق بشيء خارجي، و بهذا الاعتبار ليس بموجود
في