اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 172
أوساط الأحياز، فإنّه لا بدّ منه لكونه في منتهى الأحياز. لا بمعنى
أن الكون في المنتهى لا يكون إلّا إذا كان في الوسط، و إلّا لزم كون الجسم في
مكانين معا، و هو محال بل بمعنى أنّه يكون في الوسط و ينعدم كونه فيه حتّى يمكن
أن يكون في المنتهى، فهذه الشروط المتسلسلة كلّما تتنازل[1] يقرب وجود الحادث إلى إفاضة العلّة. فلا بدّ أن يحدث بحسب حدوث شرط
شرط حالة مقربة للحادث إلى ايجاد العلّة. فتلك الحالة المقربة لا تكون قائمة[2] بالحادث، لأنّه غير موجود[3] بعد
بل بموجود آخر [37].
و ذلك الموجود إمّا أن يكون له تعلّق بذلك الحادث، أو لا، و الثاني
ضروريّ البطلان.
فتعيّن الأوّل، و هو الّذي نسمّيه[4] مادّة و تلك الحالة المقربة امكانا استعداديا.
و سئل[5] بعض العلماء: لم تزول الاستعدادات عند حصول الوجودات؟
فقال: الاستعداد الناقص يزول، و أمّا الاستعداد التامّ فلا يزول. و
هذا مثل النطفة، فانّها[6] إذا
حصل لها استعداد أن يكون علقة وجب أن يزول عنها استعداد النطفية، فإنّه لو لم يزل[7] عنها استعداد صورة النطفية لم يزل عنها صورة النطفية، بناء على أنّ
إفاضة الصورة بحسب الاستعداد. فعند حصول استعداد صورة العلقة فاضت[8] عليها صورتها و كان استعدادها باقيا معها، ثمّ إذا حصل لها استعداد
المضغيّة زال هذا الاستعداد و فاض عليها صورتها. و على هذا حتّى ينتهي إلى
الاستعداد التامّ للإنسانية.
قلت: إنّهم قالوا: كلّ صورة سابقة فهي معدّة للاحقه، فالنطفة ما لم
تتصوّر[9] بصور عدّة في الأطوار لم يتصوّر بالصورة الإنسانية، و لا شكّ أنّ
الصورة السابقة لا تجتمع مع اللاحقة. و لمّا كانت الصورة السابقة[10] هي الموجبة للاستعداد اللاحقة، فإذا انتفت يجب انتفاء الاستعداد
اللاحقة[11] بالضرورة.
قال: ليست الصورة[12] السابقة
موجبة للاستعداد اللاحقة، بل إذا حصلت الصورة السابقة و تواتر عليها الحركات
الفلكية و الأوضاع تحصل بواسطتها للهيولى حالة هي