اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 158
فلو كانا موجودين في الخارج لزم اشتمال الزمان على الأجزاء بالفعل، و
إنّه محال.
و الحاصل: أنّ القبلية و البعدية لأنّهما اعتباريان[1] لا يدلّان على وجود معروضيهما، بل ليس يجوز أن يوجد معروضهما[2] في الخارج.
و الجواب: أنّ المراد بالمعروض هاهنا هو متعلّق[3] القبلية و البعدية[4]، لا محلّهما [22]، فإنّ
محلّهما جزء الزمان المعقول لا الموجود في الخارج أي: ما يعرض القبلية و البعدية
بسببه، فإنّهما إنّما يعرضان للامتداد العقلي بسبب الأمر الغير المستقرّ الموجود[5] في الخارج[6]، فأطلق المعروض على سبب
المعروض مجازا. و إلى هذا المعنى أشار في فصل «سبق المحدث بالمادّة» حيث قال:
«الإمكان من حيث إنّه[7] متعلّق
بأمر خارجي يستدعي لا محالة موضوعا موجودا في الخارج» كما مضى في التقدّم بعينه.
[223/
1- 89/ 3] قوله: أمّا نفس القبلية فليس هو من الموجودات.
حاصل الجواب: أنّ القبلية أمر اعتباري لا وجود لها في الخارج [23]،
لكن لها اعتباران:
أحدهما: من حيث عروضها[8] لأجزاء
الزمان بحسب الذات و حينئذ لا يكون في زمان آخر.
و الثاني: من حيث ذاتها، فهي توجد في الذهن. و وجودها في الذهن يكون
في زمان، فيكون له قبلية اعتبارية بهذا الاعتبار، و القبليات[9] لا يتسلسل بل ينقطع بانقطاع الاعتبار.
و في قوله: «لا يتسلسل» لطيفه، و هي[10] أنّ
المشهور أنّ التسلسل في الأمور الاعتبارية ليس محالا. فبيّن بقوله: «و لا يتسلسل»: أنّ معنى ذلك
ليس أنّ الأمور الاعتبارية يتسلسل، و هو ليس بمحال بل المراد أنّ ذهاب السلسلة في
الأمور