اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 15
و أمّا الإشارات و التنبيهات- الذي سنعبّر عنه من الآن فصاعدا
بالإشارات رعاية للاختصار- فله حديث آخر. فالإشارات- في اعتقادي- ليس مصدر خلق
ذينك الأثرين فحسب- و الأمر أوضح بالنسبة إلى الثاني و ليس أقوى بالضرورة- بل هو
أيضا أكثر أصالة فيهما. فأصالة الإشارات إزاء ذينك النصّين الآخرين هي- بالإضافة
إلى سابقته من دون منازع- وليدة عوامل أخرى أيضا مثل:
الف: الالتزام بالمباني العقلية باعتبارها الأساس المشترك لجميع
سالكي مسار الفكر لفكّ أسرار الكون و تجلّياته المتنوّعة.
ب: بيان المباني النظرية، و دراسة القواعد الفكرية للعرفان النظري مع
نظرة عابرة إلى العرفان العلمي.
ج: دراسة بعض من وجهات نظر المتكلّمين التي تعتبر بسبب اشتراك الكلام
و الفلسفة في مصادر تلك الآراء من مسائل هذين العلمين المشتركة، و منها طرح مسائل
تشكّل أساس مسائل علم الكلام، و دراسة، و نقد، و جرح آراء المتكلّمين، و أخيرا
تقديم إجابات جديدة لهذه المسائل.
و قد جعل العامل الأوّل بصورة مشتركة، و الثاني في باب الفصوص، و
أخيرا العامل الثالث في باب التجريد، هذين الكتابين مدينين للإشارات على الأقلّ
فيما يتعلّق بالأسس الأوّلية للنظام الفكري. و لذلك فإنّ الإشارات للشيخ الرئيس
يعدّ الموجد لأحد أقوى التيّارات الفكرية- القلمية، و رغم مظاهر القساوة و الجفاء
التي تعرّض لها خلال الألفية الماضية، إلّا أنّ ذلك لم ينقص من قدره أبدا، و لم
ينزله من صدارته.
و بالإضافة إلى أنّ آثار ابن سينا غنية إلى حدّ بعيد دون منازع
فإنّها ضخمة في نفس الوقت. و بشهادة فهرست نسخ مصنّفات ابن سينا فإنّ بإمكاننا
اليوم أن نعثر له على 131 مؤلّفا أصيلا، و 111 أثرا منسوبا إليه. و رغم أنّ البعض
من كتاب التراجم بلغوا بعدد هذه الآثار إلى الضعف، إلّا أنّ هذا العدد يكفي لأن
نعتبر ابن سينا في عداد أغزر المؤلّفين في نطاق الحضارة الإسلامية و غيرها أيضا.
و رغم أنّ بالإمكان تقسيم جميع مؤلّفات الشيخ في ذيل عدد من
المواضيع، أو إلى
اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 15