لا يؤمنون الآن فقط، و لا يكون اخبارا عن انتفاء
الايمان منهم طول حياتهم فلا يلزم المحال».
من جملة نقد ابن أبى الحديد لفخر الدين
الرازى.
«ثم ان صاحب الكتاب تكلم فى اثبات النبوة المحمدية
و استدل عليها بوجوه ثم اعترضها باعتراضات كثيرة و لم يجب عنها ... و قد وقفت على
رسالة لبعض قدماء الاسماعيلية يذكر فيها فوائد التعليم. و اظن صاحب الكتاب وقف
عليها و حسنت عنده فنقلها الى هذا الموضع لأنى رأيت كثيرا من ألفاظ الرسالة بعينها
منقولة فى المحصل: فمن جملتها قوله:
«ان كل جنس تحته أنواع فانه يوجد فيما بين تلك
الأنواع نوع واحد هو اكملها. و كذا الأنواع بالنسبة الى الأصناف بالنسبة الى
الأشخاص بالنسبة الى الأعضاء و أشرف الأعضاء و رئيسها هو القلب و خليفته الدماغ و
منه يثبت القوى (434- ا) على جميع جوانب البدن. فكذا أنواع الانسان لا بد فيه من
رئيس و الرئيس اما ان يكون حكمه على الظاهر فقط و هو السلطان أو على الباطن فقط و
هو العالم أو عليهما معا و هو النبي أو الامام. فالنبى يكون كالقلب فى العالم و
الامام كالدماغ و كما أن القوى المذكورة انما تفيض من الدماغ على الأعضاء و كذا
قوة البيان و التعليم انما تفيض بواسطة الامام المعلم الّذي هو خليفة النبي على
جميع أهل العالم و هذا الكلام محض مذهب التعليمية و هم الاسماعيلية من الشيعة. و
كثيرا ما اعجب من هذا الرجل فى كتبه و مصنفاته و خصوصا فى هذا الكتاب فانه وضعه
على قاعدة الايجاز و الاختصار ثم توخى المواضع المهمة فى صناعة الكلام فاختصرها
حتى أحل بفهمها بالكلية بل حذف الكثير منها و أهمله و أعرض فى مواضع شريفة عظيمة
الخطر. و لم يجب عن الاعتراض قصدا للايجاز بزعمه ثم اطال فى مواضع كثيرة لا يناسب
اطالته فيها الايجاز فى غيرها و لا يقتضي قاعدة الكتاب و أمثاله من المختصرات
الاسهاب فيها ...