يقوم بذاته، استحال عليه الحلول. و المحلّ
متحيّز تحلّ فيه الأعراض. و الواجب حيث إنّه ليس بمتحيّز، استحال حلول الأعراض
فيه.
أقول: ذكر في هذه التبصرة صفتين سلبيّتين له
تعالى أيضا:
الأولى: أنّه لا يحلّ في شيء
لأنّ المعقول من الحلول في اللغة و العرف الاصطلاحيّ، هو كون موجود ساريا في آخر،
قائما به، ناعتا له، تابعا في تحصيل شخصيّته[1] لذلك المحلّ.
إذا تقرّر هذا فنقول: لو كان الواجب حالّا في
شيء لكان ممكنا، و اللّازم باطل فكذا الملزوم.
بيان الملازمة أنّ الواجب حينئذ يكون محتاجا في
تعيينه إلى أمر خارج عن حقيقته.
و أمّا بطلان اللازم فقد سبق بيانه.
و أيضا: لو كان تعالى حالّا في شيء لزم الدور،
لاحتياجه إلى محلّه، لكنّه علّة لمحلّه، لأنّه علّة لسائر ما عداه، فيلزم افتقاره
إلى المحلّ و افتقار المحلّ إليه و هو دور.
و الدور محال لاستلزامه كون الشيء مفتقرا إلى
ما يفتقر إليه المستلزم لتقدّمه على نفسه المستلزم لوجوده قبل وجوده، و هو ضروريّ
الاستحالة.
الثانيّة: أنّه لا يحلّ فيه
شيء، و قد بيّنه المصنّف ببيان غير تامّ، و نحن نشير إلى ما ذكره المصنّف أوّلا،
ثمّ نبيّن كونه غير تامّ، ثمّ نذكر ما هو الأولى في الاستدلال.
أمّا الأوّل: فنقول لو حلّ في ذات
الواجب شيء لكان الواجب متحيّزا، و اللازم باطل، فكذا الملزوم.
بيان الملازمة: أنّ المحلّ متحيّز
تحلّ فيه الأعراض. و أمّا بطلان اللازم فقد تقدّم.
و أمّا الثاني: و هو أنّه غير تامّ،
فلأنّا نمنع أنّ كلّ محلّ متحيّز، فإنّ السرعة و البطء حالّان في الحركة، و الحركة
محلّ لهما و هي غير متحيّزة.
و أيضا: صفات الواجب قائمة
بذاته حالّة فيها عند الأشاعرة[2]، مع أنّ محلّ الصفات